للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ فِي الْقَوَاطِعِ: وَأَمَّا جَعْلُ الِاسْمِ عِلَّةً لِلْحُكْمِ فَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: إنَّ الِاسْمَ ضَرْبَانِ: اسْمُ اشْتِقَاقٍ، وَاسْمُ لَقَبٍ. فَأَمَّا الْمُشْتَقُّ فَضَرْبَانِ:

(أَحَدُهُمَا) مَا اُشْتُقَّ مِنْ فِعْلٍ كَالضَّارِبِ وَالْقَاتِلِ، اُشْتُقَّ مِنْ الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ، فَيَجُوزُ جَعْلُهُ عِلَّةً فِي قِيَاسِ الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْأَفْعَالَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عِلَلًا لِلْأَحْكَامِ.

وَ (ثَانِيهِمَا) مَا اُشْتُقَّ مِنْ صِفَةٍ كَالْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ، مُشْتَقٌّ مِنْ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ، فَهَذَا مِنْ بَابِ الشَّبَهِ الصُّورِيِّ. فَمَنْ جَعَلَهُ حُجَّةً جَوَّزَ التَّعْلِيلَ. وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَاقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ» فَجَعَلَ السَّوَادَ عِلَّةً لِإِبَاحَةِ الْقَتْلِ، فَأَمَّا اللَّقَبُ فَضَرْبَانِ:

(أَحَدُهُمَا) مُسْتَعَارٌ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو فَلَا يَدْخُلُهُ حَقِيقَةٌ وَلَا مَجَازٌ، لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقُلُ اسْمَ زَيْدٍ إلَى عَمْرٍو وَعَمْرٍو إلَى زَيْدٍ، فَلَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِهَذَا الِاسْمِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ وَجَوَازِ انْتِقَالِهِ. وَ (ثَانِيهِمَا) لَازِمٌ كَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْبَعِيرِ وَالْفَرَسِ. وَقَدْ حَكَى الْأَصْحَابُ فِي جَوَازِ التَّعْلِيلِ بِهَا وَجْهَيْنِ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي امْتِنَاعُ التَّعْلِيلِ بِالْأَسَامِي مُطْلَقًا، لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الطَّرْدَ. وَأَمَّا الْأَسَامِي الْمُشْتَقَّةُ فَالتَّعْلِيلُ بِمَوْضِعِ الِاشْتِقَاقِ لَا بِنَفْسِ الِاسْمِ (انْتَهَى) وَهُوَ تَفْصِيلٌ لَا مَزِيدَ عَلَى حَسَنِهِ. فَإِنْ قُلْت: فَهَلْ لِلْإِمَامِ سَلَفٌ فِي دَعْوَاهُ الِاتِّفَاقَ؟ قُلْتُ: رَأَيْتُ فِي كِتَابِ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ مَا نَصُّهُ: اتَّفَقُوا عَلَى فَسَادِ الْعِلَّةِ إذَا اقْتَصَرْت بِهَا عَلَى الِاسْمِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ إذَا ضَاقَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ تَعَلَّقَ بِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>