يَكُونَ مَذْهَبُهُ لِعِلَّةٍ مُسْتَنْبَطَةٍ مِنْ أَصْلٍ آخَرَ.
وَ (مِنْهَا) أَنْ تَكُونَ مُتَّحِدَةً فِي الْأَصْلِ أَيْ لَا يَكُونُ مَعَهَا عِلَّةٌ أُخْرَى، ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ، وَهُوَ بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِهِ فِي مَنْعِ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ.
وَ (مِنْهَا) إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ وُجُودَ مَانِعٍ أَوْ انْتِفَاءَ شَرْطٍ فَشَرَطَ الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ الْآمِدِيُّ وَصَاحِبُ التَّنْقِيحِ وُجُودَ الْمُقْتَضَى. وَالْمُخْتَارُ - وِفَاقًا لِلرَّازِيِّ - أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ، كَقَوْلِنَا: الزَّكَاةُ لَا تَجِبُ فِي الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ بِدَلِيلِ عَدَمِهَا فِي اللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ. ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ - وَتَبِعَهُ الْهِنْدِيُّ - هَذَا الْخِلَافُ مُفَرَّعٌ عَلَى جَوَازِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ، لِإِمْكَانِ اجْتِمَاعِ الْعِلَّةِ مَعَ الْمَانِعِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ. فَإِنْ مَنَعْنَاهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا الْخِلَافُ، لِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْمَانِعِ حِينَئِذٍ لَا يُتَصَوَّرُ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوطًا بِبَيَانِ الْمُقْتَضَى أَمْ لَا. وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ عَلَّلَ عَدَمَ الْحُكْمِ بِفَوَاتِ شَرْطٍ وَمَنَعَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ.
وَقَالَ بِمَجِيءِ الْخِلَافِ وَإِنْ لَمْ يُجَوِّزْ تَخْصِيصَ الْعِلَّةِ، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ التَّخْصِيصِ يَقُولُ: مَا يُسَمُّونَهُ بِالْمَانِعِ مُقْتَضٍ عِنْدِي لِلْحُكْمِ بِالْعَدَمِ، فَقَتْلُ الْمُكَافِئِ فِي غَيْرِ الْأَبِ هُوَ الْعِلَّةُ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ وَقَتْلُ الْأَبِ بِخُصُوصِهِ هُوَ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ الْإِيجَابِ، وَيَعُودُ حِينَئِذٍ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا.
وَ (مِنْهَا) إذَا أَثَّرَتْ الْعِلَّةُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْأُصُولِ دَلَّ عَلَى صِحَّتِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَصْلَ الْعِلَّةِ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يُعْتَبَرُ تَأْثِيرُهَا فِي الْأَصْلِ، قَالَهُ الشَّيْخُ فِي التَّبْصِرَةِ.
مَسْأَلَةٌ
فِي جَوَازِ تَعْلِيلِ الشَّيْءِ بِجَمِيعِ أَوْصَافِهِ خِلَافٌ - حَكَاهُ ابْنُ فُورَكٍ وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمُلَخَّصِ - مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْعِلَّةِ التَّعَدِّي فَمَنْ شَرَطَهُ مَنَعَهَا هُنَا، وَمَنْ جَوَّزَهُ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute