للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَادَةَ الْعُقَلَاءِ بَذْلُ نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ دُونَ أَعْرَاضِهِمْ، وَمَا فُدِيَ بِالضَّرُورِيِّ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ ضَرُورِيًّا. وَقَدْ شُرِعَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ الْحَدُّ، وَهُوَ أَحَقُّ بِالْحِفْظِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَتَجَاوَزُ مَنْ جَنَى عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يَتَجَاوَزُ عَنْ الْجِنَايَةِ عَلَى عِرْضِهِ، وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ الْجِنَايَةِ يَتَوَقَّعُونَ الْحَرْبَ الْعَوَانَ الْمُبِيدَةَ لَلْفَرَسَانِ لِأَجْلِ كَلِمَةٍ، فَهَؤُلَاءِ عَبْسٌ وَذُبْيَانَ اسْتَمَرَّتْ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً لِأَجْلِ سَبْقِ فَرَسٍ فَرَسًا، وَهُمَا دَاحِسٌ وَالْغَبْرَاءُ، وَإِلَيْهِمَا تُضَافُ هَذِهِ الْحَرْبُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَسْبُوقَ، وَهُوَ حُذَيْفَةُ بْنُ بَدْرٍ، اعْتَقَدَ مَسْبُوقِيَّتَهُ عَارًا يُقَبِّحُ عِرْضَهُ. وَيَلْتَحِقُ بِهَذَا الْقِسْمِ مُشْكَلُ الضَّرُورِيِّ، كَحَدِّ قَلِيلِ الْمُسْكِرِ وَوُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِ، وَتَحْرِيمِ الْبِدْعَةِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي عُقُوبَةِ الْمُبْتَدِعِ الدَّاعِي إلَيْهَا، وَفِي حِفْظِ النَّسَبِ بِتَحْرِيمِ النَّظَرِ وَالْمَسِّ، وَالتَّعْزِيرِ عَلَى ذَلِكَ.

الثَّانِي - الْحَاجِيُّ: وَهُوَ مَا يَقَعُ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ، لَا الضَّرُورَةِ، كَالْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مَبْنِيَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>