للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى الْمَسَاكِنِ مَعَ الْقُصُورِ عَنْ تَمَلُّكِهَا وَضَنِّ مَالِكِهَا بِبَذْلِهَا عَارِيَّةً. وَكَذَلِكَ الْمُسَاقَاةُ لِاشْتِغَالِ بَعْضِ الْمُلَّاكِ عَنْ تَعَهُّدِ أَشْجَارِهِ. وَكَذَلِكَ الْقِرَاضُ. . . وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْقِسْمِ الْبَيْعَ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: تَصْحِيحُ الْبَيْعِ آيِلٌ إلَى الضَّرُورَةِ. وَالْإِجَارَةُ دُونَهُ، لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ الْبَيْعِ، فَالضَّرُورَةُ إلَيْهِ عَامَّةٌ، وَفِي الْآحَادِ مَنْ يَسْتَغْنِي عَنْ الْإِجَارَةِ، فَالْحَاجَةُ إلَيْهَا لَيْسَتْ عَامَّةً. وَنَازَعَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ وَقَالَ: وُقُوعُ الْإِجَارَاتِ أَكْثَرُ مِنْ الْمُبَايَعَاتِ. وَمِنْهُ: نَصْبُ الْوَلِيِّ لِلصَّغِيرِ، لِأَنَّهُ أَكْمَلُ نَظَرًا مِنْ الْمَرْأَةِ، لِكَمَالِ عَقْلِهِ، فَلَوْ فَوَّضَ نِكَاحَهَا إلَيْهَا أَوْقَعَتْ نَفْسَهَا فِي مَعَرَّةٍ، لِقُصُورِ نَظَرِهَا، وَلِأَنَّ تَوَلِّيهَا النِّكَاحَ يُسْتَقْبَحُ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ، لِإِشْعَارِهِ بِبَذَاءَتِهَا. ثُمَّ قَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا مَا هُوَ ضَرُورِيٌّ، كَالْإِجَارَةِ لِتَرْبِيَةِ الطِّفْلِ. وَتَكْمِيلًا كَخِيَارِ الْبَيْعِ، وَرِعَايَةِ الْكَفَاءَةِ، وَمَهْرِ الْمِثْلِ فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ أَفْضَى إلَى دَوَامِ النِّكَاحِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ (الْمُنَاسَبَةَ) قَدْ تَكُونُ جَلِيَّةً حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى الْقَطْعِ، كَالضَّرُورِيَّاتِ. وَقَدْ تَكُونُ خَفِيَّةً، كَالْمَعَانِي الَّتِي اسْتَنْبَطَهَا الْفُقَهَاءُ وَلَيْسَ لَهُمْ إلَّا مُجَرَّدُ احْتِمَالِ اعْتِبَارِ الشَّرْعِ لَهَا. وَقَدْ يُشْتَبَهُ كَوْنُ (الْمُنَاسَبَةِ) وَاقِعَةً فِي مَرْتَبَةِ الضَّرُورَةِ أَوْ الْحَاجَةِ لِتَقَارُبِهِمَا. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ: إنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْإِجَارَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَنَازَعَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَقَالَ: إنَّهَا فِي مَرْتَبَةِ الضَّرُورَةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ قَادِرًا عَلَى الْمَسَاكِنِ بِالْمِلْكِ وَلَا أَكْثَرُهُمْ، وَالسَّكَنُ مَا يُكِنُّ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ مِنْ مَرْتَبَةِ الضَّرُورَةِ. وَقَدْ يَخْتَلِفُ التَّأْثِيرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجَلَاءِ وَالْخَفَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>