الثَّالِثُ - التَّحْسِينِيُّ:
وَهُوَ قِسْمَانِ: مِنْهُ مَا هُوَ غَيْرُ مُعَارِضٍ لِلْقَوَاعِدِ، كَتَحْرِيمِ الْقَاذُورَاتِ، فَإِنَّ نُفْرَةَ الطِّبَاعِ عَنْهَا لِقَذَارَتِهَا مَعْنًى يُنَاسِبُ حُرْمَةَ تَنَاوُلِهَا، حَثًّا عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] وَحَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ عَادَةً عَلَى تَفْصِيلٍ. وَعَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بُعِثْت لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ. وَ (مِنْهُ) : إزَالَةُ النَّجَاسَةِ، فَإِنَّهَا مُسْتَقْذَرَةٌ فِي الْجِبِلَّاتِ، وَاجْتِنَابُهَا أَهَمُّ فِي الْمَكَارِمِ وَالْمُرُوآتِ، وَلِذَا يَحْرُمُ التَّضَمُّخُ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ. قَالَ الْإِمَامُ فِي الْبُرْهَانِ: وَالشَّافِعِيُّ نَصَّ عَلَى هَذَا فِي الْكَثِيرِ. ثُمَّ إنَّهُ فِي النِّهَايَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى وَطْءِ الْأَمَةِ فِي دُبُرِهَا قَالَ: لَا يَحْرُمُ. وَ (مِنْهُ) : إيجَابُ الْوُضُوءِ، لِمَا فِيهِ مِنْ إفَادَةِ النَّظَافَةِ، إذْ الْأَمْرُ بِهَا فِي اسْتِغْرَاقِ الْأَوْقَاتِ مِمَّا يَعْسُرُ فَوَظَّفَ الْوُضُوءَ فِي الْأَوْقَاتِ وَبَنَى الْأَمْرَ عَلَى إفَادَتِهِ الْمَقْصُودَ، وَعَلِمَ الشَّارِعُ أَنَّ أَرْبَابَ الْعُقُولِ لَا يَعْتَمِدُونَ فِعْلَ الْأَوْسَاخِ وَالْأَدْرَانِ إلَى أَعْضَائِهِمْ الْبَادِيَةِ مِنْهُمْ فَكَانَ ذَلِكَ النِّهَايَةُ فِي الِاسْتِصْلَاحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute