الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَا عُلِمَ اعْتِبَارُ الشَّرْعِ لَهُ
وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الرُّجْحَانُ، وَالْمُرَادُ بِالِاعْتِبَارِ إيرَادُ الْحُكْمِ عَلَى وَفْقِهِ، لَا التَّنْصِيصَ عَلَيْهِ وَلَا الْإِيمَاءَ إلَيْهِ، وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ الْعِلِّيَّةُ مُسْتَفَادَةً مِنْ الْمُنَاسَبَةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: شَهِدَ لَهُ أَصْلٌ مُعَيَّنٌ. قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي شِفَاءِ الْعَلِيلِ ": الْمَعْنَى بِشَهَادَةِ أَصْلٍ مُعَيَّنٍ لِلْوَصْفِ أَنَّهُ مُسْتَنْبَطٌ مِنْهُ، مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحُكْمَ أُثْبِتَ شَرْعًا عَلَى وَفْقِهِ. وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ، لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ نَوْعُهُ فِي نَوْعِهِ أَوْ فِي جِنْسِهِ، أَوْ جِنْسُهُ فِي نَوْعِهِ أَوْ جِنْسِهِ.
الْحَالَةُ الْأُولَى: أَنْ يُعْتَبَرُ نَوْعُهُ فِي نَوْعِهِ: مِنْ خُصُوصِ الْوَصْفِ فِي خُصُوصِ الْحُكْمِ، وَعُمُومِهِ فِي عُمُومِهِ، كَقِيَاسِ الْقَتْلِ بِالْجَارِحِ عَلَى الْمُثْقِلِ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ، بِجَامِعِ كَوْنِهِ قَتْلًا عَمْدًا عُدْوَانِيًّا، فَإِنَّهُ قَدْ عُرِفَ تَأْثِيرُ خُصُوصِ كَوْنِهِ قَتْلًا عَمْدًا عُدْوَانًا فِي خُصُوصِ الْحُكْمِ، وَهُوَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ فِي الْمُحَدَّدِ. وَهَذَا الْقِسْمُ يُسَمَّى بِالْمُنَاسِبِ الْمُلَائِمِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْقِيَاسِيِّينَ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُعْتَبَرَ نَوْعُهُ فِي جِنْسِهِ: كَقِيَاسِ تَقْدِيمِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ عَلَى الْإِخْوَةِ مِنْ الْأَبِ فِي النِّكَاحِ عَلَى تَقْدِيمِهِمْ عَلَيْهِمْ فِي الْإِرْثِ وَالصَّلَاةِ، فَإِنَّ الْإِخْوَةَ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ نَوْعٌ وَاحِدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَلَمْ يُعْرَفْ تَأْثِيرُهُ فِي التَّقْدِيمِ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ، لَكِنْ عُرِفَ تَأْثِيرُهُ فِي جِنْسِهِ وَهُوَ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ عَدَمِ الْأَمْرِ، كَمَا فِي الْإِرْثِ وَالصَّلَاةِ. وَهَذَا الْقِسْمُ دُونَ مَا قَبْلَهُ، لِأَنَّ الْمُقَارَنَةَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَحَلَّيْنِ أَقَلُّ مِنْ الْمُقَارَنَةِ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُعْتَبَرَ جِنْسُهُ فِي نَوْعِهِ: كَقِيَاسِ إسْقَاطِ الْقَضَاءِ عَنْ الْحَائِضِ عَلَى إسْقَاطِ قَضَاءِ الرَّكْعَتَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute