للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمِسْبَارُ، وَسُمِّيَ هَذَا بِهِ لِأَنَّ الْمُنَاظِرَ فِي الْعِلَّةِ يَقْسِمُ الصِّفَاتِ وَيَخْتَبِرُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي أَنَّهُ هَلْ يَصْلُحُ لِلْعِلِّيَّةِ أَمْ لَا

؟ وَقَدْ أُشِيرَ إلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} [المؤمنون: ٩١] وقَوْله تَعَالَى {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: ٣٥] فَإِنَّ هَذَا تَقْسِيمٌ حَاصِرٌ، لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ خَلْقُهُمْ مِنْ غَيْرِ خَالِقٍ خَلَقَهُمْ، وَكَوْنُهُ يَخْلُقُونَ أَنْفُسَهُمْ أَشَدُّ امْتِنَاعًا، فَعُلِمَ أَنَّ لَهُمْ خَالِقًا خَلَقَهُمْ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ، ذَكَرَ الدَّلِيلَ بِصِيغَةِ اسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ الْمُسْتَدَلُّ بِهَا بِطَرِيقَةٍ بَدِيهِيَّةٍ لَا يُمْكِنُ إنْكَارُهَا. وَفِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ، فِي ابْنِ صَيَّادٍ. «إنْ يَكُنْ هُوَ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَلَا خَيْرَ لَك فِي قَتْلِهِ» .

وَهُوَ قِسْمَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَدُورَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَهُوَ الْمُنْحَصِرُ.

وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ وَهُوَ الْمُنْتَشِرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>