الشَّرْعُ فِي بَابِ الْعِتْقِ. وَقَدْ يَتَّفِقَانِ عَلَى إبْطَالِ مَا عَدَا وَصْفَيْنِ فَيَكْفِي الْمُسْتَدِلُّ التَّرْدِيدُ بَيْنَهُمَا.
ثَالِثُهُمَا: أَنْ لَا تَظْهَرَ مُنَاسَبَةُ الْمَحْذُوفِ. وَقَدْ سَبَقَ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِ الْمُنَاظِرِ: بَحَثْت فَلَمْ أَجِدْ مُنَاسَبَةً، عَلَى أَحَدِ الرَّأْيَيْنِ. فَإِنْ ادَّعَى الْمُعْتَرِضُ أَنَّ الْوَصْفَ الْمُسْتَبْقَى كَذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَدِلِّ بَيَانُ مُنَاسَبَتِهِ، لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ، وَلَكِنْ يُرَجَّحُ سَبْرُهُ لِمُوَافَقَتِهِ لِتَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ عَلَى سِبْرِ الْمُعْتَرِضِ لِعَدَمِهَا، فَإِنَّ التَّعَدِّيَ أَوْلَى.
التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ:
قَسَّمَ إلْكِيَا السَّبْرَ إلَى مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْقَطْعِيَّاتِ وَهُوَ الْمُفْضِي إلَى الْيَقِينِ بِأَنْ يَكُونَ حَاصِرًا يَقِينًا، بِالدَّوْرِ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ. (قَالَ) : وَهُوَ الْمُلَقَّبُ ب " بُرْهَانِ الْخَلْفِ " وَكَانَ الْعَقْلُ دَالًّا عَلَى أَنَّ الْحَقَّ أَحَدُهُمَا، فَإِذَا بَانَ بُطْلَانُ أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ الثَّانِي لِلصِّحَّةِ، فَقَدْ قَامَ دَلِيلُ الثَّانِي عَلَى الْخُصُوصِ بِبُطْلَانِ ضِدِّهِ، وَإِلَى مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الظَّنِّيَّاتِ، وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ إثْبَاتُ حُكْمِهِ أَوْ دَلِيلِهِ.
وَالْأَوَّلُ يَكْفِي فِيهِ انْتِهَاءُ السَّبْرِ إلَى حَدِّ الظَّنِّ، سَوَاءٌ كَانَ فِي شَيْئَيْنِ أَوْ أَشْيَاءَ، لِأَنَّ الظَّنَّ لَا يَخْتَصُّ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، بَلْ قَدْ يَقَعُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ، كَقَوْلِنَا: الْإِيلَاءُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُوجِبَ التَّوَقُّفَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ الْبَيْنُونَةَ، فَلَمَّا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ لَا يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُوجِبُ التَّوَقُّفَ، إذْ لَا حُكْمَ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ طَرِيقُ إبْطَالِ أَحَدِهِمَا بَيِّنٌ. وَمَسْأَلَةُ اتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ تَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا، فَإِذَا بَطَلَ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ الْآخَرُ.
وَالثَّانِي مَا عُلِمَ أَنَّ بُطْلَانَ دَلِيلِ الْحُكْمِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْعِلَلِ، إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ عَلَى كَوْنِهِ مُعَلَّلًا ثُمَّ يَسْبُرُ مَا عَدَا الْعِلَّةِ الَّتِي يَذْهَبُ إلَيْهَا وَيُبْطِلُهُ فَتَصِحُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute