للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُكْتَفَى مِنْهُ فِي النَّظَرِ بِذَلِكَ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُبْدِيَ الْخَصْمُ مُعَارِضًا رَاجِحًا. وَأَمَّا إذَا أَسْنَدَ إلَى السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ فَقَدْ وَفَّى الْوَظِيفَةَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَلَمْ يَبْقَ مُتَوَقِّعًا ظُهُورَ مَا يَقْدَحُ أَوْ يَضُرُّ، وَنَازَعَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ وَقَالَ: نَحْنُ نَدْفَعُ أَصْلَ كَوْنِهِ مَسْلَكًا، فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مُتَمَيِّزًا. وَقَوْلُهُ سَلَفٌ إبْطَالُ الْمُعَارَضَاتِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، لِأَنَّهُ وَضَعَ النَّظَرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِ الْمُعَارَضَاتِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ كَافِيًا فِي التَّصْحِيحِ فَأَيْنَ الدَّلِيلُ الَّذِي ذَبَّ الْمُعَارِضَاتِ عَنْهُ. وَأَمَّا التَّمَسُّكُ بِالْمُنَاسَبَاتِ فَإِنَّهُ وَجْهُ الدَّلِيلِ، وَهِيَ الْمُعَارَضَاتُ بِالْأَصْلِ، فَإِنَّا مَا نُلْحِقُ بِهِ مَنْ اشْتَغَلَ بِدَفْعِ الْمُعَارَضَاتِ وَقَنَعَ بِذَلِكَ دَلِيلًا.

التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ:

إنْ أَبْدَى الْمُعْتَرِضَ وَصْفًا زَائِدًا لَمْ يُكَلَّفْ بِبَيَانِ صَلَاحِيَّتِهِ لِلتَّعْلِيلِ، وَلَا يَنْقَطِعُ الْمُسْتَدِلُّ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ حَتَّى يَعْجَزَ عَنْ إبْطَالِهِ، بَلْ لَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ بِطُرُقٍ:

أَحَدُهَا: بَيَانُ بَقَاءِ الْحُكْمِ مَعَ عَدَمِ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، كَقَوْلِنَا: يَصِحُّ أَمَانُ الْعَبْدِ، لِأَنَّهُ عَاقِلٌ مُسْلِمٌ غَيْرُ مُتَّهَمٍ، كَالْحُرِّ. فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ: الْعِلَّةُ ثَمَّ وَصْفٌ زَائِدٌ، وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ، مَفْقُودٌ فِي الْعَبْدِ. فَيَقُولُ الْمُسْتَدِلُّ: وَصْفُ الْحُرِّيَّةِ مُلْغًى فِي الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ، فَإِنَّ أَمَانَهُ يَصِحُّ بِاتِّفَاقِ عَدَمِ الْحُرِّيَّةِ فَصَارَ وَصْفًا لَاغِيًا لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْحُكْمِ.

ثَانِيهَا: أَنْ يُبَيِّنَ كَوْنَهُ وَصْفًا طَرْدِيًّا وَلَوْ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ كَقَوْلِنَا: سَرَى الْعِتْقُ فِي الْأَمَةِ، كَالْعَبْدِ، بِجَامِعِ الرِّقِّ، إذْ لَا عِلَّةَ غَيْرَهُ، فَإِنْ قَالَ: فِي الْأَصْلِ وَصْفٌ زَائِدٌ، وَهُوَ الذُّكُورَةُ الْمُحَصِّلَةُ لِلْكَسْبِ، فَنَقُولُ: هُوَ وَصْفٌ لَمْ يَعْتَبِرْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>