مَحْمُولٌ عَلَى قِيَاسِ الْعِلَّةِ، فَإِنَّهُ يُرَجِّحُ بِكَثْرَةِ الْأَشْبَاهِ وَيَجُوزُ تَرْجِيحُ الْعِلَلِ بِكَثْرَةِ الْأَشْبَاهِ. قُلْت: وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرِّسَالَةِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ حَرَّمَ الشَّيْءَ مَنْصُوصًا، أَوْ أَحَلَّ لِمَعْنًى، فَإِذَا وَجَدْنَا ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيمَا لَمْ يَنُصَّ فِيهِ بِعَيْنِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ أَحْلَلْنَاهُ أَوْ حَرَّمْنَاهُ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ. أَوْ تَجِدُ الشَّيْءَ يُشْبِهُ مِنْهُ الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا نَجِدُ شَيْئًا أَقْرَبَ مِنْهُ شَبَهًا مِنْ أَحَدِهِمَا فَنُلْحِقُهُ بِأَوْلَى الْأَشْيَاءِ شَبَهًا بِهِ، كَمَا قُلْنَا فِي الصَّيْدِ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الْقِيَاسُ عَلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ وَلَا يَخْتَلِفُ الْقِيَاسُ فِيهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ لَهُ الْأُصُولُ أَشْبَاهًا بِذَلِكَ، فَيُلْتَحَقُ بِأَوْلَاهَا بِهِ وَأَكْثَرِهَا شَبَهًا بِهِ. وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْقَائِسُونَ فِي هَذَا. انْتَهَى.
الْمَذْهَبُ الثَّانِي:
أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَنْ ادَّعَى التَّحْقِيقَ مِنْهُمْ، وَصَارَ إلَيْهِ أَبُو زَيْدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَذَهَبَ إلَيْهِ أَيْضًا أَبُو بَكْرٍ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ انْتَهَى. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، كَمَا نُقِلَ فِي الْبَحْرِ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ وَالْقَاضِي ابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ، لَكِنْ هُوَ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ صَالِحٌ لَأَنْ يُرَجَّحَ بِهِ، وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي بَابِ " تَرْجِيحِ الْعِلَلِ " مِنْ كِتَابِ التَّقْرِيبِ. وَقَالَ إلْكِيَا: وَرُبَّمَا تَرَدَّدَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي تَصَانِيفِهِ فِي إبْطَالِ الشَّبَهِ فَقَالَ: إنْ لَمْ يُبَيِّنْ مُسْتَنَدَ ظَنِّهِ كَانَ مُتَحَكِّمًا، وَإِنْ بَيَّنَ كَانَ مُخَيِّلًا. وَرُبَّمَا قَالَ: الْإِشْبَاهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَسْتَنِدَ إلَى مَعْنًى كُلِّيٍّ. قَالَ: وَقَدْ بَيَّنَّا تَصَوُّرَهَا لَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute