للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وِفَاقٍ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِقِيَاسِ الشَّبَهِ فِي أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ قِيَاسِ الْعِلَّةِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ.

وَقَالَ إلْكِيَا: شَرَطُوا لِقِيَاسِ الشَّبَهِ شُرُوطًا:

مِنْهَا: أَنْ يَلُوحَ فِي الْأَصْلِ الْمَرْدُودِ إلَيْهِ مَعْنًى، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ يَقْطَعُ نِظَامَ الشَّبَهِ، وَغَايَةُ مَنْ يَدَّعِي الشَّبَهَ إيهَامُ اجْتِمَاعِ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ فِي مَقْصُودِ الشَّارِعِ، فَإِذَا لَاحَ فِي الْأَصْلِ مَعْنًى انْقَطَعَ نِظَامُ الْجَمْعِ. قَالَ: هَكَذَا أَطْلَقُوهُ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ إذَا لَاحَ فِي أَحَدِهِمَا مَعْنًى جُزْئِيٌّ وَفُقِدَ فِي الثَّانِي، أَمَّا إذَا كَانَ اسْتِنَادُ الْأَصْلِ إلَى مَعْنًى كُلِّيٍّ لَا يُتَصَوَّرُ اطِّرَادُهُ فِي آحَادِ الصُّوَرِ وَلَكِنَّ الْقِيَاسَ سَبَقَ لِإِبَانَةِ الْمَحَلِّ، فَتَعْلِيلُ الْأَصْلِ لَا يَضُرُّ فِي مِثْلِهِ، عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَقَدْ ضَرَبَ الشَّافِعِيُّ لَهُ مِثَالًا فَقَالَ: بَدَأَ عَلَيْهِ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي فِي الْقَسَامَةِ فِي الْقِصَّةِ الْمَشْهُورَةِ، فَكَانَ فِيهِ خَيَالُ اللَّوْثِ، فَاخْتَصَّهَا بِتِلْكَ الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْمُشَابَهَةُ بَيْنَ الدَّعْوَيَيْنِ حَالَةَ اللَّوْثِ وَحَالَةَ عَدَمِهَا ظَاهِرَةً، وَلَكِنْ أَمْكَنَ فَهْمُ تَخْصِيصِ الْحُكْمِ بِتِلْكَ الصُّورَةِ، أَمَّا عِنْدَ اللَّوْثِ فَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ غَيْرُ تِلْكَ الْحَالَةِ، وَهَذَا بَيِّنٌ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الشَّبَهَ إذَا لَاحَ كَانَ مِنْ ضَرُورَتِهِ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ مُبْطِلًا مَعَانِي الْخَصْمِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ خَاصًّا إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يَكُونُ لِلْخَصْمِ فِي مُقَابَلَتِهِ إلَّا مَعْنًى عَامٌّ بِنَهْيٍ مِنْ الْأَصْلِ نَقْضًا لَهُ.

وَلَهُ نَظَائِرُ: (مِنْهَا) أَنَّ التَّيَمُّمَ إذَا صَارَ أَصْلًا فَالْمَعْنَى الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ مَنْقُوضٌ بِالتَّيَمُّمِ، وَهُوَ أَنَّ الْوُضُوءَ لَيْسَ مَقْصُودًا فَلَمْ يَكُنْ عِبَادَةً. (انْتَهَى) .

<<  <  ج: ص:  >  >>