للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ أَكْثَرَ أَصْحَابُنَا فِي الِاحْتِجَاجِ لِقِيَاسِ الشَّبَهِ. وَأَصَحُّ مَا ذَكَرُوهُ مَسَالِكُ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: «لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَهُ» وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَ حَالَ هَذَا السَّائِلَ فِي نَزْعِ الْعِرْقِ مِنْ أُصُولِهِ بِنَزْعِ الْعِرْقِ مِنْ أُصُولِ الْفَحْلِ.

وَثَانِيهَا: أَنَّ قِيَاسَ الْمَعْنَى إنَّمَا صِيرَ إلَيْهِ لِإِفَادَتِهِ الظَّنَّ، وَهَذَا يُفِيدُهُ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ. وَاعْتَرَضَ الْإِبْيَارِيُّ:

أَوَّلًا: بِأَنَّهُ قِيَاسُ الْمَعْنَى فِي الْأُصُولِ فَلَا يُسْمَعُ.

وَثَانِيًا: بِمَنْعِ إفَادَةِ الظَّنِّ.

وَثَالِثًا: أَنَّهُ لَمْ تَخْلُ وَاقِعَةٌ مِنْ حُكْمٍ، قَالُوا: وَمَنْ مَارَسَ مَسَائِلَ الْفِقْهِ وَتَرَقَّى عَنْ رُتْبَةِ الْبَادِئِ فِيهَا عَلِمَ أَنَّ الْمَعْنَى الْمُخَيَّلَ لَا يَعُمُّ الْمَسَائِلَ، وَكَثِيرٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرْعِ تَخْلُو مِنْ الْمَعَانِي خُصُوصًا فِي الْعِبَادَاتِ وَهَيْئَاتِهَا وَالسِّيَاسَاتِ وَمَقَادِيرِهَا، وَشَرَائِطِ الْمُنَاكَحَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ إلَى قِيَاسِ الشَّبَهِ، وَلَا يَلْزَمُنَا الطَّرْدُ لِأَنَّا فِي غَنِيَّةٍ عَنْهُ إذْ هُوَ مُنْسَحِبٌ عَلَى جَمِيعِ الْحَوَادِثِ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْ دَاعٍ إلَيْهِ، فَوَضَحَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالشَّبَهِ عَنْ مَحَلِّ الضَّرُورَةِ، وَلَوْلَا الضَّرُورَاتِ لَمَا شُرِعَ أَصْلُ الْقِيَاسِ.

تَنْبِيهَاتٌ

الْأَوَّلُ: بَنَى الْقَاضِي الْخِلَافَ فِي قِيَاسِ الشَّبَهِ عَلَى أَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ أَوْ كُلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>