مُجْتَهِدٍ؟ فَإِنْ قُلْت: الْمُصِيبُ وَاحِدٌ فَالْأَوْلَى بِك إبْطَالُ قِيَاسِ الشَّبَهِ، وَإِنْ قُلْت بِتَصْوِيبِهِمْ، فَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُجْتَهِدِ حُكْمٌ مِنْ قَضِيَّةِ اعْتِبَارِ الشَّبَهِ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ قَطْعًا، وَوَافَقَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ عَلَى تَقْرِيرِ ثُبُوتِ كَوْنِهَا ظَنِّيَّةً، لَكِنْ خَالَفَ فِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ظَنِّيَّةٌ وَقَالَ: الْأَلْيَقُ بِمَا مَهَّدَهُ مِنْ الْأُصُولِ أَنْ يُقَالَ؛ كُلُّ مَا آلَ إلَى إثْبَاتِ دَلِيلٍ مِنْ الْأَدِلَّةِ فَيُطْلَبُ فِيهِ الْقَطْعُ، وَرُبَّمَا يَقُولُ: إنَّ الْمُجْتَهِدَ الْمُتَمَسِّكَ بِضَرْبٍ مِنْ الْقِيَاسِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ وَفِي الْحَادِثَةِ نَصٌّ لَمْ يَبْلُغْهُ فَهُوَ مَأْمُورٌ قَطْعًا بِمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ فِي مُخَالِفِهِ مَرْدُودًا.
الثَّانِي:
قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ: اعْلَمْ أَنَّ كَثْرَةَ الْأَشْبَاهِ إنَّمَا تُقَوِّي أَحَدَ جَانِبَيْ الْقِيَاسِ إذَا أَمْكَنَ إثْبَاتُ الْحُكْمِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْصَافِ. فَأَمَّا إذَا لَمْ يَقُمْ الْحُكْمُ إلَّا لِمَجْمُوعِ أَوْصَافٍ حَتَّى يَرُدَّ بِهَا إلَى أَصْلٍ، فَيُرَدَّ إلَى أَصْلٍ آخَرَ بِوَصْفٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَصْفُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَوْصَافِ فَتَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ الْوَاحِدِ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ وَصْفًا آخَرَ سِوَى الْأَوْصَافِ الْمَجْمُوعَةِ فِيمَا سِوَاهُ، مِثْلُ عِلَّةِ الطُّعْمِ فِي الرِّبَا أَوْلَى مِنْ عِلَّةِ الْقُوتِ لِأَنَّهُ مَا مِنْ قُوتٍ إلَّا وَهُوَ طَعَامٌ، فَكَانَ مَنْ عَلَّلَ بِهِ عَلَّلَ الطَّعَامَ وَزِيَادَةً وَعِلَّةُ " الطَّعَامِ وَالْكَيْلِ " مُسْتَوِيَتَانِ، فَتَقَدُّمُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِالتَّرْجِيحِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا دَاخِلًا فِي جُمْلَةِ الْآخَرِ إذَا كَانَ الْأَصْلُ الْمَرْدُودُ إلَيْهِ وَاحِدًا غَيْرَ أَنَّ أَحَدَ الْقِيَاسِيِّينَ يُرَدُّ الْفَرْعُ إلَيْهِ بِوَصْفٍ، وَالْآخَرُ يَرُدُّهُ إلَيْهِ بِذَلِكَ الْوَصْفِ وَبِغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْصَافِ، فَضَمُّهَا إلَيْهِ بِالْوَصْفِ الْوَاحِدِ أَوْلَى.
الثَّالِثُ:
هَلْ يُسْتَعْمَلُ " الشَّبَهُ " مُرْسَلًا كَمَا اُسْتُعْمِلَ الْمُنَاسِبُ مُرْسَلًا؟ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute