حُجَّةً، وَالِاطِّرَادَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ الْعِلِّيَّةِ " حَشْوِيَّةَ أَهْلِ الْقِيَاسِ " قَالَ: وَلَا يُعَدُّ هَؤُلَاءِ مِنْ جُمْلَةِ الْفُقَهَاءِ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَيَجُوزُ لِلشَّارِعِ نَصْبُ الطَّرْدِ عَلَمًا عَلَيْهِ لَكِنَّهُ لَا يَكُونُ عِلَّةً بَلْ تَقْرِيبٌ لِلْحُكْمِ وَتَحْدِيدٌ لَهُ. قَالَ: وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ أَنَّ الِاطِّرَادَ زِيَادَةُ دَعْوَى عَلَى دَعْوَى، وَالدَّعْوَى لَا تَثْبُتُ بِزِيَادَةِ دَعْوَى، وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ الْفَاسِدَ قَدْ يَطَّرِدُ، وَلَوْ كَانَ الِاطِّرَادُ دَلِيلَ صِحَّةِ الْعِلِّيَّةِ لَمْ يَقُمْ هَذَا الدَّلِيلُ عَلَى الْأَقْيِسَةِ الْفَاسِدَةِ الْمُطَّرِدَةِ، مِثْلُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمَاءِ: مَائِعٌ لَا تُبْنَى عَلَيْهِ الْقَنَاطِرُ، وَلَا يُصَادُ مِنْهُ السَّمَكُ، فَأَشْبَهَ الدُّهْنَ وَالْمَرَقَةَ. وَفِي الْمَضْمَضَةِ: اصْطِكَاكُ الْأَجْرَامِ الْعُلْوِيَّةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْقُضَ الطَّهَارَةَ، كَالرَّعْدِ وَلَا يَلْزَمُ الضُّرَاطُ لِأَنَّهُ اصْطِكَاكُ الْأَجْرَامِ السُّفْلِيَّةِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا مَعَ سُخْفِهِ يَنْتَقِضُ بِمَا لَوْ صَفَعَ امْرَأَتَهُ وَصَفَعَتْهُ. وَالِاشْتِغَالُ بِهَذَا هُزْأَةٌ وَلَعِبٌ فِي الدِّينِ. انْتَهَى. وَقَالَ الْكَرْخِيّ: هُوَ مَقْبُولٌ جَدَلًا، وَلَا يَسُوغُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ عَمَلًا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ. وَقَالَ: إنَّهُ رَأْيُ الْمَشَايِخِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَقَالَ: هُوَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُنَاظِرِ فِي حَقِّ مَنْ أَثْبَتَ الشَّبَهَ وَرَآهُ مُعْتَمَدًا، بَلْ لَا طَرِيقَ سِوَاهُ، فَإِمَّا أَنْ يُصَارَ إلَى إبْطَالِ الشَّبَهِ رَأْسًا، وَقَصْرِ الْجَامِعِ عَلَى الْمُخَيَّلِ، وَإِمَّا أَنْ يَقْبَلَ مِنْ الْمُنَاظِرِ الْجَمِيعَ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَهَاهُنَا أُمُورٌ ذَكَرَهَا إلْكِيَا:
أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي غَيْرِ الْمَحْسُوسَاتِ. أَمَّا الْمَحْسُوسَاتُ فَقَدْ تَكُونُ صَحِيحَةً مِثْلُ مَا نَعْلَمُهُ أَنَّ الْبَرْقَ يَسْتَعْقِبُ صَوْتَ الرَّعْدِ فَلِهَذَا اطَّرَدَ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ بِهِ
الثَّانِي: أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَفْظِيٌّ، فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُنْكِرُهُ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ، وَأَحَدًا لَا يَتَّبِعُ كُلَّ وَصَفٍّ لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ، وَإِنْ أَحَالُوا اطِّرَادًا لَا يَنْفَكُّ عَنْ غَلَبَةِ الظَّنِّ.
الثَّالِثُ: إذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، فَهَلْ يَجُوزُ التَّعَلُّقُ بِهِ لِدَفْعِ النَّقْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute