للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: يَجُوزُ، لِأَنَّهُ إنَّمَا امْتَنَعَ الْقِرَاضُ فِي الْعُرُوضِ ابْتِدَاءً، وَهَذَا لَيْسَ بِابْتِدَاءٍ، بَلْ بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الْقِرَاضَ الْأَوَّلَ بَطَلَ بِالْمَوْتِ، وَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ يَنْكَسِرُ بِمَا لَوْ دَفَعَ مَالًا قِرَاضًا يَعْمَلُ فِيهِ عَامِلٌ، وَحَصَّلَ الْمَالَ عُرُوضًا ثُمَّ تَفَاسَخَا الْقِرَاضَ ثُمَّ أَرَادَا أَنْ يَعْقِدَا الْقِرَاضَ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى مَا سَبَقَ.

الثَّانِي: قِيلَ: الْخِلَافُ فِي سُؤَالِ الْكَسْرِ يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقِيَاسِ فِي الْأَسْبَابِ، فَمَنْ جَوَّزَهُ قَبِلَ سُؤَالَ الْكَسْرِ، وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ لَمْ يَسْمَعْ الْكَسْرَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ إذَا قَالَ: وَصْفُ السَّرِقَةِ كَانَ مُنَاسِبًا لِمَعْنَى كَذَا وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي النَّبْشِ، فَيَكُونُ سَبَبًا، فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي خَاصَّةٍ بَيْنَ النَّبْشِ وَالسَّرِقَةِ يُفَارِقُهَا غَيْرُهَا فِيهَا صَحَّ الْجَمِيعُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ خَاصَّةً فَقَالَ: يَبْطُلُ بِالزِّنَى وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي وُجِدَ فِي السَّرِقَةِ وُجِدَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَهُوَ الْحَاجَةُ إلَى الزَّجْرِ، وَلَمْ يَنْتَهِضْ سَبَبًا لِمِثْلِ حُكْمِ السَّرِقَةِ، فَيَحْتَاجُ الْمُسْتَدِلُّ أَنْ يَذْكُرَ بَيْنَ النَّبْشِ وَالسَّرِقَةِ خَاصَّةً تَجْمَعُهُمَا، فَكَأَنَّ صِحَّةَ الْكَسْرِ مَوْضُوعَةٌ عَلَى صِحَّةِ الْقِيَاسِ فِي الْأَسْبَابِ، فَكُلُّ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُصَحِّحَ الْكَسْرَ وَلَا طَرِيقَ لِتَصْحِيحِ الْكَسْرِ إلَّا بِمَا ذَكَرْنَا، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَبْنِ صِحَّةَ الْكَسْرِ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَتَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>