فِي الْكُفْءِ وَنَحْوِهِ سَوَاءٌ. وَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إلَى الثَّانِي، وَيَرْجِعُ أَيْضًا إلَى الْمُنَاقَشَةِ فِي الْفَرْضِ وَهُوَ تَخْصِيصُ بَعْضِ صُوَرِ النِّزَاعِ بِالْحِجَاجِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى مَذَاهِبَ: الْجَوَازُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَالْمَنْعُ، قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إنْ كَانَ مُبَيِّنًا لِمَحَلِّ السُّؤَالِ لَمْ يَجُزْ، كَمَا إذَا سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنْ ضَمَانِ الضَّيْفِ الْمَغْرُورِ فَقَالَ: يَبْرَأُ، وَفُرِضَ فِي الْمُكْرَهِ. فَهَذَا لَا يَجُوزُ، إذْ بَرَاءَةُ الْمُكْرَهِ لِأَنَّهُ آلَةٌ، وَبَرَاءَةُ الضَّيْفِ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ، فَفِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ عِلَّةٌ مُبَايِنَةٌ فَتَقَاطَعَتَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ، بِأَنْ وَقَعَ فِي طَرِيقٍ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ سُؤَالُ السَّائِلِ جَازَ، كَمَا لَوْ سُئِلَ عَنْ عِتْقِ الرَّاهِنِ فَأَبْطَلَهُ، وَفُرِضَ فِي الْمُعْسِرِ.
وَالْخَامِسُ: عَدَمُ التَّأْثِيرِ فِي الْحُكْمِ: وَهُوَ أَنْ يَذْكُرَ فِي الدَّلِيلِ وَصْفًا لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْحُكْمِ الْمُعَلِّلِ بِهِ، كَقَوْلِنَا فِي الْمُرْتَدِّينَ يُتْلِفُونَ الْأَمْوَالَ: مُشْرِكُونَ أَتْلَفُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا ضَمَانَ، كَالْحَرْبِيِّ. فَإِنَّ دَارَ الْحَرْبِ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْحِكْمَةِ، فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهَا، إذْ مَنْ أَوْجَبَ الضَّمَانَ أَوْجَبَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ. وَكَذَا مَنْ نَفَاهُ نَفَاهُ مُطْلَقًا وَيَرْجِعُ إلَى الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ يُطَالَبُ بِأَمْرِ كَوْنِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَ (الثَّالِثِ) أَنَّ هَذَا أَعَمُّ وَذَاكَ أَخَصُّ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْحُكْمِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ (الثَّالِثَ) . وَقَالَ الْآمِدِيُّ: حَاصِلُ هَذَا الْقِسْمِ يَرْجِعُ إلَى عَدَمِ التَّأْثِيرِ فِي الْوَصْفِ فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ عَدَمِ التَّأْثِيرِ فِي الْوَصْفِ وَفِي الْأَصْلِ. قُلْت: وَلِهَذَا اقْتَصَرَ عَلَى إيرَادِهَا فِي " الْمِنْهَاجِ " وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِهِ.
تَنْبِيهٌ:
عَدَمُ الْعَكْسِ وَعَدَمُ التَّأْثِيرِ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ. وَقَدْ بَانَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ عَدَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute