للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ شَرْطًا شَرْعِيًّا كَالْوُضُوءِ، أَوْ غَيْرَ شَرْعِيٍّ كَالْمَشْيِ إلَى عَرَفَاتٍ لِلْوُقُوفِ، فَإِنْ وَرَدَ الْأَمْرُ مُطْلَقًا فَهُوَ فِي الْمَعْنَى أَمْرٌ بِالشَّرْطِ هَذَا بَعْدَ أَنْ تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ ذَلِكَ، وَإِنْ وَرَدَ مَشْرُوطًا بِاتِّفَاقِ حُصُولِ الْمُقَدِّمَةِ فَلَيْسَ أَمْرًا بِالْمُقَدِّمَةِ، كَالْأَمْرِ بِالْحَجِّ بِشَرْطِ الِاسْتِطَاعَةِ. اهـ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ " الْمَصَادِرِ " وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَمَا نَقَلَهُ الْجُمْهُورُ، لِأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي أَنَّ إيجَابَ الْمُسَبَّبِ هَلْ هُوَ دَالٌّ عَلَى إيجَابِ السَّبَبِ؟ وَمَحَلُّ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ إذَا وَجَبَ الْمُسَبَّبُ فَقَدْ وَجَبَ السَّبَبُ لَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ. وَلِهَذَا قَالَ فِي " الْمُنْتَهَى ": فَإِنَّا لَا نُنْكِرُ وُجُوبَ الْأَسْبَابِ بِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ كَمَا أَنَّ أَسْبَابَ الْحَرَامِ حَرَامٌ، وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ مُطْلَقًا، وَنُسِبَ لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَحَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " عَنْ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّرَائِطَ لَهَا صِيَغٌ بِخُصُوصِهَا، وَاخْتِلَافُ الصِّيَغِ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَصُوغِ لَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّا لَا نُنْكِرُ كَوْنَ الصَّلَاةِ مُقْتَضِيَةً لِلطَّهَارَةِ بِالدَّلَالَةِ، وَإِنَّمَا نُنْكِرُ كَوْنَهُ مِنْ حَيْثُ الصِّيغَةُ مُقْتَضِيَةً لَهُ، وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّ الصَّلَاةَ بِصِيغَتِهَا تَدُلُّ عَلَى الدُّعَاءِ فَقَطْ، وَمَا زَادَ عَلَى الدُّعَاءِ ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ لَا مِنْ جِهَةِ الصِّيغَةِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ هَلْ نَصِفَهُ الْآنَ بِالنَّدْبِ، لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى تَحْصِيلِ أَمْرٍ وَاجِبٍ أَوْ بِالْإِبَاحَةِ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي اسْتِحْبَابِ النَّذْرِ أَوْ إبَاحَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>