للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ اتِّحَادِهِ - مُتَنَاوِلًا لِجَمِيعِ الْأُصُولِ؟ فِيهِ خِلَافٌ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْفَرْقُ فِي مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ، وَالْجَمْعُ مُتَّحِدٌ، فَالْفَرْقُ يَكُونُ مُتَّحِدًا. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بِفُرُوقٍ مُتَعَدِّدَةٍ، لِأَنَّهُ لَا يُسَاعِدُ فِي الْغَالِبِ مَعْنًى وَاحِدٌ عَلَى الْفَرْقِ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ. وَإِذَا قُلْنَا بِتَعْدِيدِ الْأُصُولِ، هَلْ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَرْقِ وَالْقَطْعِ عَنْ بَعْضِ الْأُصُولِ؟ فِيهِ خِلَافٌ: مِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ، لِأَنَّ مَا بَقِيَ يَكْفِي لِبِنَاءِ الْفَرْعِ عَلَيْهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَمَّا ذَكَرَ الْأُصُولَ وَتَقَلَّدَ بِتَقْرِيرِهَا وَالذَّبَّ عَنْهَا فَطَرِيقُ الْفَارِقِ الْقَطْعُ عَنْ جَمِيعِهَا.

مَسْأَلَةٌ

لَا يُشْتَرَطُ فِي الْفَارِقِ أَنْ يَكُونَ مَعْنًى، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا شَرْعِيًّا، كَمَا قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، كَقَوْلِهِ: مَنْ صَحَّ طَلَاقُهُ صَحَّ ظِهَارُهُ كَالْمُسْلِمِ. فَإِذَا وَقَعَ الْفَرْقُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَالْعِلَّةِ قُبِلَ وَوَقَعَ الْكَلَامُ فِي التَّرْجِيحِ وَتَقْرِيبِ الْأَشْبَاهِ إنْ كَانَ الْقِيَاسُ مَعْنَوِيًّا وَإِنْ جَرَى الْفَارِقُ عَلَى صِفَةِ إلْحَاقِ حُكْمٍ بِحُكْمٍ. فَهَذَا مِنْ الْفَارِقِ مُحَاوَلَةُ مُعَارَضَةِ الْمَعْنَى بِالشَّبَهِ، فَلَا يُقْبَلُ، لِأَنَّ أَدْنَى مَعَانِي الْمُنَاسَبَةِ يُقَدَّمُ عَلَى أَجْلَى الْأَشْبَاهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هَلْ يَجُوزُ الْفَرْقُ بِالنَّصِّ؟ قَوْلَانِ؛ كَقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «كُنَّا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» .

قِيلَ: وَالْخِلَافُ يَتَنَزَّلُ عَلَى حَالَيْنِ: فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْفَرْقَ الْقِيَاسِيَّ الْمُتَضَمِّنَ الْوَصْفَ الْمُنَاسِبَ فَقَدْ لَا يَحْصُلُ بِالنَّصِّ، لِجَوَازِ كَوْنِهِ بَعِيدًا، كَقَوْلِنَا: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ السَّبُعِ وَالْكَلْبِ وَالشَّاةِ حَتَّى كَانَ نَجِسًا مُحَرَّمَ الْبَيْعِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ جَائِزَةُ الْبَيْعِ؟ فَيُقَالُ: الشَّرْعُ مَنَعَ بَيْعَ الْكَلْبِ وَأَجَازَ بَيْعَ الشَّاةِ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنْ لَا تَنَاسُبَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>