للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْفَرْعِ حُكْمًا مُخَفَّفًا، وَقَدْ بَانَ مِنْ اخْتِلَافِ مَوْضُوعِ الْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ مِمَّا ذَكَرْنَا.

وَهُوَ مِثْلُ النَّقْضِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَفِيدُ بِهِ طَرْدَهُ بَعْدَ صِحَّةِ عِلَّتِهِ، كَالشَّهَادَةِ إنَّمَا يَشْتَغِلُ بِتَعْدِيلِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ صِحَّةِ الْأَدَاءِ.

وَهُوَ أَقْوَى مِنْ النَّقْضِ، لِأَنَّ الْوَضْعَ إذَا فَسَدَ لَمْ يَبْقَ إلَّا الِانْتِقَالُ. وَالنَّقْضُ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ.

قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ لَا يَرِدُ إلَّا عَلَى الطَّرْدِ، وَالطَّرْدُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَأَمَّا الْعِلَّةُ الَّتِي ظَهَرَ تَأْثِيرُهَا فَلَا يَرِدُ هَذَا السُّؤَالُ. وَنَحْنُ نَقُولُ: نَعَمْ، وَإِنْ كَانَ الطَّرْدُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَإِظْهَارُ التَّأْثِيرِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَكِنَّ السُّؤَالَ يَبْقَى، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ السَّائِلُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مِثْلِ هَذِهِ الْعِلَّةِ، أَوْ يَقُولَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ تَأْثِيرٌ، فَلَا بُدَّ فِي الْجَوَابِ مِنْ نَقْلِ الْكَلَامِ إلَى ذَلِكَ وَبِأَنَّ الدَّلِيلَ قَدْ قَامَ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الْعِلَّةِ. فَبِهَذَا الْوَجْهِ صَحَّحْنَا السُّؤَالَ. وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي " شَرْحِ الْمَحْصُولِ ": فَسَادُ الْوَضْعِ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ الدَّلِيلِ دَالًّا عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَهُوَ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَمَنَعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، إذْ لَا تَوَجُّهَ لَهُ، لِكَوْنِهِ خَارِجًا عَنْ الْمَنْعِ وَالْمُعَارَضَةِ.

تَنْبِيهَاتٌ

الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَغَايُرِ فَسَادِ الْوَضْعِ وَفَسَادِ الِاعْتِبَارِ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ بَيَانُ مُنَاسَبَةِ الْوَصْفِ لِنَقِيضِ الْحُكْمِ، وَالثَّانِي اسْتِعْمَالُ الْقِيَاسِ عَلَى مُنَاقَضَةِ النَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ فَهُوَ أَعَمُّ وَهُوَ اصْطِلَاحُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ فَعِنْدَهُمْ أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ ثُمَّ قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّهُمَا لَيْسَ بِاعْتِرَاضَيْنِ زَائِدَيْنِ، فَإِنَّ الْمُنَاسَبَةَ لِلنَّقِيضِ إنْ كَانَ الْمُعْتَرِضُ رَدَّ الِاسْتِشْهَادَ إلَى أَصْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>