للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: لَا يُقْبَلُ وَإِنْ قَبِلْنَا أَصْلَ الْمُعَارَضَةِ، لِانْتِشَارِ الْكَلَامِ وَأَدَائِهِ إلَى الِانْتِقَالِ، وَإِذَا قَبِلْنَا تَرْجِيحَ الْمُسْتَدِلِّ لِدَلِيلِهِ عَلَى مَا عَارَضَ بِهِ السَّائِلَ، فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَنْشَأُ التَّرْجِيحِ مَذْكُورًا فِي الدَّلِيلِ؟ قِيلَ: يَجِبُ، لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ أَوَّلًا لَكَانَ ذَاكِرًا لِبَعْضِ الدَّلِيلِ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ، لِأَنَّ مَرَاتِبَ الْمُعَارَضَةِ لَا يَعْرِفُهَا الْمُسْتَدِلُّ فِي بَدْءِ اسْتِدْلَالِهِ، فَيُؤَدِّي إلَى الْمَشَقَّةِ، بِخِلَافِ الِاحْتِرَازِ لِدَفْعِ النَّقْضِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ النَّصَّانِ سُمِعَ التَّرْجِيحُ مِنْ الْمُسْتَدِلِّ بِالِاتِّفَاقِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي نَصِّ الْمُسْتَدِلِّ مَا يُشِيرُ إلَى التَّرْجِيحِ.

وَالثَّالِثُ: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْآمِدِيَّ التَّفْصِيلُ: فَإِنْ كَانَ التَّفْصِيلُ وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِ الْعِلَّةِ تَعَيَّنَ ذِكْرُهُ، وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِكَمَالِ الدَّلِيلِ، وَالتَّرْجِيحُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ.

تَنْبِيهٌ: قَسَّمَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ الْمُعَارَضَةَ إلَى مَا تَكُونُ بِعِلَّةٍ أُخْرَى، وَإِلَى مَا هِيَ بِعِلَّةِ الْمُعَلِّلِ بِعَيْنِهَا، فَالْمُعَارَضَةُ بِعِلَّةٍ أُخْرَى تَارَةً تَكُونُ فِي حُكْمِ الْفَرْعِ، وَتَارَةً فِي عِلَّةِ الْأَصْلِ - وَقَدْ سَبَقَا - وَأَمَّا الْمُعَارَضَةُ بِعِلَلِ الْمُعَلِّلِ فَتُسَمَّى (قَلْبًا) وَقَدْ سَبَقَ حُكْمُهُ.

وَقَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيُّ: قَسَّمَ الْجَدَلِيُّونَ الْمُعَارَضَةَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مُعَارَضَةُ الدَّعْوَى بِالدَّعْوَى وَالْخَبَرِ بِالْخَبَرِ، وَالْقِيَاسِ بِالْقِيَاسِ: - فَأَمَّا مُعَارَضَةُ الدَّعْوَى بِالدَّعْوَى فَلَا مَعْنَى لَهَا إلَّا عَلَى تَقْدِيرِ وَقَعَ التَّشْنِيعُ. - وَأَمَّا مُعَارَضَةُ الْخَبَرِ بِالْخَبَرِ فَصَحِيحَةٌ، مِثْلُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، فَيَقُولُ: لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>