للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْقَلْبُ فَمُعَارَضَةٌ فِي الْحُكْمِ، وَقِيلَ: إنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْمَنْعِ. وَأَمَّا عَدَمُ التَّأْثِيرِ فَمُعَارَضَةٌ فِي الْمُقَدِّمَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ إذَا احْتَجَّ بِالْقِيَاسِ فَقَالَ لَهُ الْمُعْتَرِضُ: مَا ذَكَرْته مِنْ الْمَعْنَى الْجَامِعِ غَيْرُ صَالِحٍ لِلْعِلِّيَّةِ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ بِدُونِهِ كَانَ ذَلِكَ مُعَارَضَةً فِي الْمُقَدِّمَةِ، لِأَنَّ ثُبُوتَ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ الْجَامِعِ مُقَدِّمَةٌ فِي الْقِيَاسِ. وَحَاصِلُهُ رَاجِعٌ إلَى الْقَدْحِ فِي كَوْنِ الْجَامِعِ عِلَّةً بِبَيَانِ ثُبُوتِ الْحُكْمِ بِدُونِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مُعَارَضَةٌ فِي الْعِلَّةِ، لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ يَدَّعِي كَوْنَ الْمَجْمُوعِ الْمُرَكَّبِ عِلَّةً، وَالْمُعْتَرِضُ لِعَدَمِ التَّأْثِيرِ يُبَيِّنُ كَوْنَ بَعْضِ الْمَجْمُوعِ عِلَّةً لَا ذَلِكَ الْمَجْمُوعِ كُلِّهِ، وَذَلِكَ مُعَارَضَةٌ لِلْكُلِّ بِالْبَعْضِ، وَهُوَ لَطِيفٌ غَامِضٌ.

وَأَمَّا التَّرْجِيحُ فَهُوَ مُعَارَضَةٌ فِي حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ، وَكَيْفِيَّةُ تَوْجِيهِهِ أَنْ يُقَالَ: مُوجِبُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلِيلِ رَاجِحٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ وَيُبَيِّنُهُ بِطَرِيقِهِ، فَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ مُوجِبُهُ لَلَزِمَ التَّرْكُ بِالدَّلِيلِ الرَّاجِحِ، وَإِنَّهُ مُمْتَنِعٌ. وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْنَعَ أَنَّهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ شَرْطُ الْغَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُغَايِرًا لَهُ ذَاتًا، بِمَعْنَى أَنَّهُ يُمْكِنُ وُجُودُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ، احْتِرَازًا مِنْ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُسْتَدِلِّ فَهُوَ مُعَارَضَتُهُ لِمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْمُعْتَرِضُ، كَانَ الْمُعَارَضَةُ عِبَارَةً عَنْ إقَامَةِ دَلِيلٍ يُوقَفُ بِهِ دَلِيلُ خَصْمِهِ. وَالتَّرْجِيحُ كَذَلِكَ. لِأَنَّهُ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الرَّاجِحِ، فَيَدْفَعُ مَا أَبْدَاهُ الْمُعْتَرِضُ لِكَوْنِهِ مَرْجُوحًا. وَأَمَّا فَسَادُ الْوَضْعِ فَهُوَ مَنْعُ لُزُومِ الْحُكْمِ عَنْ الدَّلِيلِ، لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ بِالْقِيَاسِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ النَّصُّ مَوْجُودًا لَكِنَّ النَّصَّ مَوْجُودٌ. وَأَمَّا فَسَادُ الِاعْتِبَارِ فَيَرْجِعُ إلَى الْمَنْعِ، لِأَنَّهُ مَعَ ثُبُوتِ الْقِيَاسِ عَلَى مُخَالَفَةِ النَّصِّ وَقَدْ وُجِدَ النَّصُّ وَاعْتِبَارُ الْقِيَاسِ عَلَى وُجُودِهِ اعْتِبَارٌ فَاسِدٌ، فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ، فَإِذًا فَسَادُ الِاعْتِبَارِ رَاجِعٌ إلَى مَنْعِ لُزُومِ الْحُكْمِ، وَأَمَّا دَعْوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>