فَصْلٌ: ذَكَرُوا أَنَّ جَمِيعَ الْأَسْئِلَةِ تَرْجِعُ إلَى الْمَنْعِ وَالْمُعَارَضَةِ، لِأَنَّهُ مَتَى حَصَلَ الْجَوَابُ عَنْ الْمَنْعِ وَالْمُعَارَضَةِ تَمَّ الدَّلِيلُ وَحَصَلَ الْغَرَضُ مِنْ إثْبَاتِ الْمُدَّعَى وَلَمْ يَبْقَ لِلْمُعْتَرِضِ مَجَالٌ، فَيَكُونُ مَا سِوَاهَا مِنْ الْأَسْئِلَةِ بَاطِلًا فَلَا يُسْمَعُ، لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنْ جَمِيعِ الْمُنُوعِ إلَّا بِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى جَمِيعِ الْمُقَدِّمَاتِ وَبَيَانِ لُزُومِ الْحُكْمِ فِيهَا وَإِلَّا لَاتَّجَهَ الْمَنْعُ. وَكَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُعَارَضَةِ إلَّا بِبَيَانِ انْتِفَاءِ الْمُعَارِضِ عَنْ كُلِّهَا وَبَيَانِ كَيْفِيَّةِ رُجُوعِهَا إلَى ذَلِكَ: أَمَّا الِاسْتِفْسَارُ فَلِأَنَّ الْكَلَامَ إذَا كَانَ مُحْتَمَلًا لَا يَحْصُلُ غَرَضُ الْمُسْتَدِلِّ إلَّا بِتَفْسِيرِهِ، فَالْمُطَالَبَةُ بِتَفْسِيرِهِ تَسْتَلْزِمُ مَنْعَ تَحْقِيقِ الْوَصْفِ وَمَنْعَ لُزُومِ الْحُكْمِ عَنْهُ، فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْمَنْعِ. وَأَمَّا التَّقْسِيمُ فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْمَنْعِ أَوْ الْمُعَارَضَةِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ إذَا كَانَ مُحْتَمِلًا لِأَمْرَيْنِ فَيَضْطَرُّهُ الْمَنْعُ إلَى اخْتِيَارِ الْقِسْمَيْنِ، وَحِينَئِذٍ يَتَّجِهُ عَلَيْهِ الْمَنْعُ أَوْ الْمُعَارَضَةُ. وَأَمَّا الْمُطَالَبَةُ فَهِيَ مَعَ لُزُومِ الْحُكْمِ عَنْ الْوَصْفِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي النَّقْضِ.
وَأَمَّا النَّقْضُ فَمُعَارَضَةٌ، لِأَنَّهُ يُبْطِلُ الْعِلَّةَ. وَأَمَّا الْفَرْقُ فَكَذَلِكَ، لِأَنَّهُ مَا يَكُونُ بَدَا مَعْنًى فِي الْأَصْلِ أَوْ فِي الْفَرْعِ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْمُسْتَدِلُّ. وَأَمَّا الْكَسْرُ فَهُوَ نَوْعٌ مِنْ النَّقْضِ، وَالنَّقْضُ مُعَارَضَةٌ. وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْمَنْعِ، لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ تَسْلِيمِ الدَّلِيلِ مَعَ اسْتِيفَاءِ النِّزَاعِ فِي الْحُكْمِ، وَذَلِكَ مَنْعُ لُزُومِ الْحُكْمِ مِمَّا ادَّعَاهُ الْمُسْتَدِلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute