للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْقَوَادِحِ، كَالنَّقْضِ وَغَيْرِهِ لَا يُقَالُ بِمُوجِبِهِ لَزِمَ أَنْ يَتَأَخَّرَ أَيْضًا الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ عَنْ الْمُعَارَضَةِ، لِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ الْقَوَادِحِ، لِأَنَّهَا مُضَادَّةٌ لِلدَّلِيلِ، وَمَا لَمْ يَسْلَمْ الدَّلِيلُ عَنْ الْقَوَادِحِ لَا يُقَالُ بِمُوجِبِهِ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُ تَقَدُّمِهِ عَلَى الْمُعَارَضَةِ كَوْنَ الدَّلِيلِ لَمْ يُنْصَبْ فِي مَوْضِعِهِ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ كَذَلِكَ، فَلْيُقَدَّمْ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ عَلَى سَائِرِ الْأَسْئِلَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ فَسَادِ الْوَضْعِ لِأَنَّهُ صَارَ شَبِيهًا بِفَسَادِ الْوَضْعِ فَيَظْهَرُ أَنَّ حَقَّ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى جَمِيعِهَا أَوْ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ جَمِيعِهَا.

وَحَكَى ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُمْ قَالُوا: أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ السَّائِلُ مِنْ الِاعْتِرَاضِ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْمُخْتَلِفِ فِيهِ هَلْ يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِالْقِيَاسِ، فَيَمْنَعُ مِنْ الْقِيَاسِ إنْ كَانَ لَا يَجُوزُ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الْأَصْلِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعَلَّلَ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الْعِلَّةِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهَا عِلَّةً، ثُمَّ يَذْكُرُ الْمُمَانَعَةَ فِي الْأَصْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسَلِّمًا، ثُمَّ يُطَالِبُ بِتَصْحِيحِ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ، ثُمَّ يَقُولُ بِمُوجِبِ الْعِلَّةِ إنْ أَمْكَنَهُ، ثُمَّ يَنْقُضُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَدِّمُ النَّقْضَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ ثُمَّ يَأْتِي عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ عَدَمِ التَّأْثِيرِ وَالْكَسْرِ وَفَسَادِ الْوَضْعِ. ثُمَّ يَأْتِي بِالْقَلْبِ وَالْمُعَارَضَةِ. (قَالُوا) : وَإِنْ خَالَفَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَبَدَأَ بِغَيْرِهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ الْأَحْسَنَ إلَّا فِي الْمُمَانَعَةِ وَالنَّقْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْقُضَ ثُمَّ يُمَانِعَ. لِأَنَّ النَّاقِضَ يَعْتَرِفُ بِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَأَمَّا الْمَانِعُ فَيَمْنَعُ وُجُودَ الْعِلَّةِ، فَإِذَا مَانَعَ بَعْدَ الْمُنَاقَضَةِ فَقَدْ رَجَعَ فِيمَا سَلَّمَ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي " النِّهَايَةِ ": صَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْعَصْرِ إلَى أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ سُؤَالَيْنِ لَا يُتَصَوَّرُ، لِأَنَّهُ إذَا مَنَعَ ثُمَّ سَلَّمَ يَكُونُ أَيْضًا مَنَعَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، وَهُوَ غَيْرُ مَسْمُوحٍ جَدَلًا، وَهُوَ فَاسِدٌ، لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بَعْدَ الْمَنْعِ اعْتِرَافٌ بَعْدَ إنْكَارٍ وَهُوَ مَسْمُوحٌ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فِي أَمْرِ الْفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ فَلَأَنْ يُسْمَعَ ذَلِكَ هَاهُنَا أَوْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>