للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَبَاحَهَا لَهُمْ وَأَذِنَ لَهُمْ فِي التَّنَاوُلِ، بَلْ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَهَا لَهُمْ وَإِنَّمَا بِإِذْنٍ فِي الْأَخْذِ بَعْدَ زَمَانٍ آخَرَ، فَلَا بُدَّ إذْنٌ مِنْ إذْنٍ جَدِيدٍ، وَزَيْفٌ قَوْلُ أَبِي زَيْدٍ إنَّ الْأَفْعَالَ لَا حُكْمَ لَهَا قَبْلَ الشَّرْعِ، وَبَعْدَمَا وَرَدَ الشَّرْعُ تَبَيَّنَّا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَةً. قَالَ: ثُمَّ هُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} [النازعات: ٤٠] وَأَمَّا احْتِجَاجُ الرَّازِيَّ بِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ لَا يَضُرُّ بِالْمَالِكِ قَطْعًا، فَلَيْسَ عَلَى أَصْلِنَا، لِابْتِنَائِهِ عَلَى التَّحْسِينِ الْعَقْلِيِّ. وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَضَارِّ، فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَهُوَ عَامٌّ. وَضَعَّفَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الِاسْتِدْلَالَ [بِهِ] ، لِأَنَّ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ، النَّهْيُ عَنْ الْإِضْرَارِ، وَلَا إضْرَارَ بِالنَّفْسِ، فَقَدْ يُؤْخَذُ عَلَى عُمُومِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْإِضْرَارُ بِالنَّفْسِ، فَيَتِمُّ الدَّلِيلُ.

تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنَافِعِ الْأَمْوَالُ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهَا التَّحْرِيمُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ. . .» الْحَدِيثُ.

وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الدَّلِيلِ الَّذِي اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى الْإِبَاحَةِ فَيُقْضَى عَلَيْهَا. قُلْت: قَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ " عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: أَصْلُ مَالِ كُلِّ امْرِئٍ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا بِمَا أَحَلَّ بِهِ وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ النِّكَاحَ كَذَلِكَ، وَالنِّسَاءُ مُحَرَّمَاتُ الْفُرُوجِ إلَّا بِعَقْدٍ أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ. فَجَعَلَ الْأَصْلَ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَبْضَاعِ التَّحْرِيمُ، ثُمَّ قَالَ آخِرُهُ: وَهَذَا يَدْخُلُ فِي عَامَّةِ الْعِلْمِ. قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>