رَجَمَ مَاعِزًا وَلَمْ يَجْلِدْهُ» .
تَعَارَضَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ بِقِصَّةِ مَاعِزٍ. انْتَهَى. أَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ عَلَى الْحُكْمِ سِوَى دَلِيلٍ وَاحِدٍ وَعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ يَكُونُ عَدَمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَالًّا عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ؟ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحُكْمِ الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ فَيُقَالُ: إنْ كَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ عَقْلِيًّا فَإِنَّ الْعَكْسَ فِيهِ غَيْرُ لَازِمٍ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ دَلِيلٍ مُعَيَّنٍ أَوْ عِلَّةٍ مُعَيَّنَةٍ نَفْيُ الْحُكْمِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ دَلِيلٌ آخَرُ أَوْ عِلَّةٌ أُخْرَى وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا، وَعَدَمُ عِلْمِنَا بِالشَّيْءِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ، فَلَمْ يَحْصُلْ الْقَطْعُ وَالْيَقِينُ بِعَدَمِ ذَلِكَ الْحُكْمِ عِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ الدَّلِيلِ أَوْ تِلْكَ الْعِلَّةِ. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ شَرْعِيًّا فَإِنَّ الْعَكْسَ فِيهِ لَازِمٌ، لِأَنَّا مُكَلَّفُونَ فِي الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَنَحْنُ إذَا لَمْ نَعْلَمْ عَلَى الْحُكْمِ سِوَى دَلِيلٍ وَاحِدٍ أَوْ عِلَّةٍ وَاحِدَةٍ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ الْحُكْمِ مِنْ عَدَمِ ذَلِكَ الدَّلِيلِ أَوْ عَدَمِ تِلْكَ الْعِلَّةِ، وَالظَّنُّ مُتَعَبَّدٌ بِهِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ، بِخِلَافِ الْعَقْلِيَّاتِ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهَا الْقَطْعُ وَالْيَقِينُ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مَظْنُونٍ بِهِ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ. .
مَسْأَلَةٌ إذَا قَالَ الْفَقِيهُ: بَحَثْت وَفَحَصْت فَلَمْ أَظْفَرْ بِالدَّلِيلِ، هَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ وَيَكُونُ الِاسْتِدْلَال بِعَدَمِ الدَّلِيلِ؟ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: نَعَمْ، لِأَنَّهُ يَغْلِبُ ظَنُّ عَدَمِهِ. وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْأَوْسَطِ ": إنْ صَدَرَ هَذَا عَنْ الْمُجْتَهِدِ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ وَالْفَتْوَى قُبِلَ مِنْهُ، أَوْ فِي مَحَلِّ الْمُنَاظَرَةِ لَا يُقْبَلْ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: " بَحَثَتْ فَلَمْ أَظْفَرْ " يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عُذْرًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا انْتِهَاضُهُ فِي حَقِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute