للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذِهِ الْحَالَةِ، فَقَالَ: إنَّا نَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ حَقًّا عَلَى عِبَادِ اللَّهِ أَنْ يُحْدِثُوا لِلَّهِ تَوَاضُعًا عِنْدَ كُلِّ مَا أَحْدَثَ لَهُمْ مِنْ نِعْمَةٍ. فَلَمَّا أَحْدَثَ اللَّهُ نَصْرَ نَبِيِّهِ أَحْدَثْت لِلَّهِ هَذَا التَّوَاضُعَ.

وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ " عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ تَطُولَ حَيَاتُهُ، وَيَزْدَادُ فِي رِزْقِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» . وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ. وَالْقَوْلُ بِجَرَيَانِ هَذَا فِي أَخْبَارِ مَنْ لَمْ يَطَّلِعْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ بَعِيدٌ. وَقَالَ إلْكِيَا مَا حَاصِلُهُ: الْمُرَادُ بِشَرْعِ مَا قَبْلَنَا مَا حَكَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَنْهُمْ أَمَّا الْمَوْجُودُ بِأَيْدِيهِمْ فَمَمْنُوعٌ اتِّبَاعُهُ بِلَا خِلَافٍ. قَالَ: وَعِلَّةُ الْمَنْعِ إمَّا لِتُهْمَةِ التَّحْرِيفِ، وَإِمَّا لِتَحَقُّقِ النَّسْخِ. قَالَ وَوَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ. وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِيمَا حَكَاهُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مِنْ شَرْعِهِمْ.

فَإِنْ قُلْنَا: التُّهْمَةُ التَّحْرِيفُ فَلَا يُتَّجَهُ. وَإِنْ قُلْنَا لِتَحَقُّقِ النَّسْخِ اطَّرَدَ ذَلِكَ فِي الْمَحْكِيِّ وَغَيْرِهِ. قُلْت: وَلِهَذَا فَصَّلَ أَبُو زَيْدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ مَا سَبَقَ.

تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ قَالَ الْمُقْتَرِحُ: هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كُلَّ شَرِيعَةٍ لَمَّا وَرَدَتْ، كَانَتْ خَاصَّةً أَوْ كَانَتْ عَامَّةً، فَاَلَّذِي فَصَّلَ يُقَدِّرُ أَنْ تَكُونَ عَامَّةً، وَهَلْ انْدَرَسَتْ أَمْ لَا؟ وَاَلَّذِي يَدَّعِي أَنَّهَا شَرْعٌ لَنَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ أَنَّهَا حَيْثُ وَرَدَتْ دَامَتْ وَلَمْ تَنْدَرِسْ. وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نَفْسَ بَعْثَةِ الْأَنْبِيَاءِ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ نَاسِخَةً وَمُغَيِّرَةً. وَعِنْدَهُمْ: تَصْلُحُ لِذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>