وَقَالَ فِي الْقَوَاطِعِ ": إذَا لَمْ يَنْتَشِرْ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ نُظِرَ: فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلْقِيَاسِ فَهُوَ حُجَّةٌ. إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا اخْتَلَفُوا: هَلْ الْحُجَّةُ فِي الْقِيَاسِ أَوْ فِي قَوْلِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: وَأَمَّا إذَا خَالَفَ الْقِيَاسَ أَوْ كَانَ مَعَ الصَّحَابِيِّ قِيَاسٌ خَفِيٌّ، وَالْجَلِيُّ مُخَالِفٌ مِثْلَهُ، فَهَذَا مَوْضِعُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ فَفِي الْقَدِيمِ: قَوْلُ الصَّحَابِيِّ أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ، وَفِي الْجَدِيدِ: الْقِيَاسُ أَوْلَى. وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي أَدَبِ الْجَدَلِ ": إنْ انْتَشَرَ وَرَضُوا بِهِ فَهُوَ حُجَّةٌ مَقْطُوعٌ بِهَا، وَهَلْ يُسَمَّى إجْمَاعًا؟ وَجْهَانِ. وَإِنْ انْتَشَرَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُمْ الرِّضَا بِهِ فَوَجْهَانِ.
وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى طَرِيقَيْنِ: (إحْدَاهُمَا) : أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْجَدِيدُ - أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَ (الثَّانِيَةُ) : أَنَّهُ إنْ لَنْ يَنْتَشِرَ فِي الْبَاقِينَ فَهُوَ حُجَّةٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا عَارَضَهُ قِيَاسٌ جَلِيٌّ فَحِينَئِذٍ قَوْلٌ خَفِيٌّ. انْتَهَى. وَقَالَ إلْكِيَا: إنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ. فَإِذَا اخْتَلَفُوا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ. وَقِيلَ: يَحْتَجُّ بِأَقْوَالِهِمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ عَلَى تَقْدِيرِ اتِّبَاعِ قَوْلِ الْأَعْلَمِ مِنْهُمْ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْقَدِيمَةِ "، لِأَنَّهُ جَوَّزَ تَقْلِيدَ الصَّحَابِيِّ وَقَالَ: إنْ اخْتَلَفُوا أَخَذَ بِقَوْلِ الْأَئِمَّةِ أَوْ بِقَوْلِ أَعْلَمِهِمْ بِذَلِكَ، وَرَجَّحَهُ عَلَى الْقِيَاسِ الْمُخَالِفِ لَهُ. قَالَ إلْكِيَا: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَقْلِيدِ الصَّحَابَةِ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ أَنْ يَخْتَلِفُوا أَوْ لَا، لِأَنَّ فَقْدَ مَعْرِفَةِ الْخِلَافِ لَا يَنْتَهِضُ إجْمَاعًا. .
وَفِي جَوَازِ تَقْلِيدِ الْعَالِمِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ، خِلَافٌ، رَأَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ جَوَازَهُ وَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ وُجُوبُ ذَلِكَ. قَالَ: ثُمَّ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ قَدِيمًا وَجَدِيدًا اتِّبَاعُ قَضَاءِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَقْدِيرِ دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَتَغْلِيظِ الدِّيَةِ بِالْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute