وَلَا نَعْلَمُهُ إلَّا بِدَلِيلٍ. وَإِنَّمَا يَدُلُّ اخْتِلَافُهُمْ عَلَى تَسْوِيغِ الِاجْتِهَادِ فِي كِلَا الْقَوْلَيْنِ، أَمَّا عَلَى الْأَخْذِ بِدُونِ مُرَجِّحٍ فَكَلَّا. وَأَمَّا رُجُوعُهُمْ إلَى قَوْلِ مُعَاذٍ فَلِأَنَّهُ بَانَ لَهُ الْحَقُّ بِدَلِيلِهِ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ.
انْتَهَى. تَنْبِيهٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَقُولُ بِقَوْلِ الْأَئِمَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَسَكَتَ عَنْ عَلِيٍّ، فَرَدَّ عَلَيْهِ دَاوُد وَقَالَ: مَا بَالُهُ تَرَكَ عَلِيًّا، وَلَيْسَ بِدُونِ مَنْ رَضِيَهُ فِي هَذَا، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَلَا نَظُنُّ بِالشَّافِعِيِّ الْإِعْرَاضَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ، وَلَهُ فِي هَذَا مَقَاصِدُ: مِنْهَا: أَنَّهُ تَرَكَ ذِكْرَهُ اكْتِفَاءً، لِأَنَّهُمْ مَعْلُومُونَ بِبَعْضِهِمْ، فَنَبَّهَ عَلَى الْبَعْضِ: وَلِهَذَا قَالَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَمِنْهَا: أَنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ الرَّدَّ عَلَى مَالِكٍ، لِأَنَّهُ يُخَالِفُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ أَقُولُ بِقَوْلِ الْأَئِمَّةِ. . . إلَى آخِرِهِ، لِأَنَّ كَلَامَهُ عَلَى مَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ. وَيَشْهَدُ لِهَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ ": أَقُولُ بِقَوْلِ الْأَئِمَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ.
فَدَلَّ عَلَى مَا سَبَقَ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَرَادَ الثَّلَاثَةَ فِي صُورَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا انْفَرَدُوا وَكَانَ عَلِيٌّ حَاضِرًا وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ، وَسَكَتُوا عَمَّا حَكَمُوا بِهِ وَأَفْتَوْا صَارَ إجْمَاعًا. وَحِينَئِذٍ فَيُصَارُ إلَى قَوْلِهِمْ، لِأَنَّ عَلِيًّا مُوَافِقٌ فِي الْمَعْنَى. وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَمْرُ عَلِيٌّ بِالْكُوفَةِ، إنَّمَا كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَأْخُذُ عَنْهُ، فَلَمْ يَكُنْ فِي سُكُوتِهِمْ لَهُ حُجَّةٌ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَالْأَشْبَهُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ ذَلِكَ اكْتِفَاءً. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ فِي التَّلْخِيصِ ". وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute