أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِيهِمْ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ» فَدَلَّ عَلَى مَزِيَّةِ قَوْلِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْفَتْوَى. ثُمَّ مَثَّلَ الْمَسْأَلَةَ بِالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ فَقَالَ: قَوْلُ الْأَئِمَّةِ أَوْلَى، لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَاعَ عَبْدًا بِالْبَرَاءَةِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: كَانَ فِيهِ عَيْبٌ عَلِمْتُهُ وَلَمْ تُسَمِّهِ لِي، فَكَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ إذَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: إنْ لَمْ تَحْلِفْ بِاَللَّهِ عَلَى هَذَا لَزِمَك. وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَقَدْ صَارَ إلَى قَوْلِ عُثْمَانَ، وَإِنَّمَا صَارَ إلَى الْقَوْلِ بِالْقِيَاسِ. وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ إذَا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ أَخَذْنَا بِقَوْلِ الْأَكْثَرِ. وَذَكَرَ فِي كِتَابِ " اخْتِلَافُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ " أَنَّ عَلِيًّا صَلَّى فِي زَلْزَلَةِ رَكْعَتَيْنِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سِتُّ سَجَدَاتٍ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَإِنَّمَا سَلَكَ فِي هَذَيْنِ كَسُلُوكِهِ فِي الْأَخْبَارِ بِالتَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ، وَلِهَذَا خَرَّجَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي " الرَّوْضَةِ ": إذَا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ لَمْ يَجُزْ لِلْمُجْتَهِدِ الْأَخْذُ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُنْكِرْ عَلَى الْقَائِلِ قَوْلَهُ، لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ دَلِيلٌ عَلَى تَسْوِيغِ الْخِلَافِ وَالْأَخْذِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَلِهَذَا يَرْجِعُ إلَى مُعَاذٍ فِي تَرْكِ رَجْمِ الْمَرْأَةِ قَالَ: وَهَذَا فَاسِدٌ، فَإِنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ لَا يَزِيدُ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَوْ تَعَارَضَ دَلِيلَانِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدُونِ التَّرْجِيحِ، وَلَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ صَوَابٌ وَالْآخَرَ خَطَأٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute