مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ تَرْكُهُ لَهُمْ؛ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥] وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} [البقرة: ١٨٤] . وَنَقَلَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ "، فَقَالَ: ذَكَرَ أَصْحَابُنَا فِي أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ الَّذِينَ لَا يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ فِي الْحَالِ، كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، أَوْ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ فِي الْحَالِ، كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، أَنَّ الصَّوْمَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ، وَيَأْتُونَ بِهِ عِنْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ وَهُوَ قَضَاءٌ، وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمَرِيضِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ. قَالَ: وَالْقَوْلُ بِإِيجَابِهِ عَلَى الْحَائِضِ مُشْكِلٌ جِدًّا، ثُمَّ وَجَّهَهُ، وَقَالَ فِي " الْمُسْتَصْفَى ": فِي الْمُسَافِرِ مَذْهَبَانِ ضَعِيفَانِ. أَحَدُهُمَا: مَذْهَبُ الظَّاهِرِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ فِي سَفَرٍ، وَالثَّانِي: مَذْهَبُ الْكَرْخِيِّ: أَنَّ الْوَاجِبَ أَيَّامٌ أُخَرٌ، وَلَكِنْ لَوْ صَامَ رَمَضَانَ صَحَّ وَكَانَ مُعَجِّلًا لِلْوَاجِبِ، كَتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ، وَهُوَ فَاسِدٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ لَا تُفْهِمُ إلَّا الرُّخْصَةَ فِي التَّأْخِيرِ، وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ بَعْضِ الْأَشْعَرِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ صَوْمُ أَحَدِ الشَّهْرَيْنِ إمَّا شَهْرُ الْأَمْرِ أَوْ شَهْرُ الْقَضَاءِ وَأَيٌّ مَا صَامَ كَانَ أَصْلًا، كَالْأَنْوَاعِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ، وَنَقَلَهُ سُلَيْمٌ عَنْ الْأَشْعَرِيَّةِ. قَالَ: وَقَالُوا فِي الْمَرِيضِ وَالْحَائِضِ كَقَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَعَ الْعُذْرِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ: اخْتَلَفُوا فِي الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute