للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَائِضِ الَّذِينَ لَا يَلْزَمُهُمْ فِعْلُ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ لِأَجْلِ عُذْرِهِمْ. هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ؟ فَمَذْهَبُنَا: أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّهُمْ يَجُوزُ لَهُمْ تَأْخِيرُهُ إلَى أَنْ يَزُولَ الْعُذْرُ، وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: الصَّوْمُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُسَافِرِ فِي الْحَالِ دُونَ الْمَرِيضِ. قَالُوا: وَأَمَّا الْحَائِضُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الصَّوْمُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا، وَالْقَوْلُ بِذَلِكَ بِدْعَةٌ، وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ الْمَقْدِسِيُّ فِي " الْفُرُوقِ ": وَإِيَّاكَ أَنْ تَقُولَ: إنَّ الْمُسَافِرَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ الْوَاجِبَ غَيْرُ كَوْنِهِ وَاجِبًا. فَلَا يُتَصَوَّرُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ وَاجِبٍ وَمُبَاحٍ، بَلْ الْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَ فِعْلِ الصَّوْمِ وَبَيْنَ فِعْلِ الْعَزْمِ عَلَى قَضَائِهِ، فَيَكُونُ الْعَزْمُ بَدَلًا عَنْ الصَّوْمِ مِنْ الْوَقْتِ، وَحَاصِلُهُ: الْوُجُوبُ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ، وَأَمَّا الْحَائِضُ فَفِي وُجُوبِهِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ. صَحَّحَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ الْوُجُوبَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْ كَافَّةِ الْفُقَهَاءِ مِنَّا وَمِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَنَقَلَ عَنْ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنَّا وَمِنْ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهَا لَا تُخَاطَبُ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي نَصَرَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي " الرَّوْضَةِ ": إنَّهُ الْأَصَحُّ، إذْ الْقَضَاءُ لَا يَجِبُ إلَّا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ. قُلْت: وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ "، فَقَالَ: وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ التَّكْلِيفَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَالِغِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>