وَ (الثَّانِيَةُ) : قِيلَ: إنَّ الظَّنِّيَّاتِ لَا تَتَعَارَضُ، وَالْمُرَادُ بِهِ اجْتِمَاعُ ظَنَّيْنِ بِحُكْمٍ وَاحِدٍ بِأَمَارَتَيْنِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ (تَرْجِيحِ الْأَقْيِسَةِ) عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ يَمْتَنِعُ التَّرْجِيحُ فِي الْأَقْيِسَةِ الْمَظْنُونَةِ وَتَأَوَّلْنَاهُ.
(الثَّالِثَةُ) : لَا مَجَالَ لَهُ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، أَعْنِي التَّقْلِيدَ نَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ إطْلَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَحَكَاهُ فِي الْمَنْخُولِ " عَنْ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ: هَذَا إشَارَةٌ مِنْهُ إلَى أَنَّهَا مَعَارِفُ، وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْمَعَارِفِ، قَالَ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْعَقَائِدَ يُرَجَّحُ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عُلُومًا وَالثِّقَةُ بِهَا مُخْتَلِفَةٌ وَفَصَّلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بَيْنَ عَقَائِدِ الْعَامَّةِ وَغَيْرِهِمْ، فَيَجُوزُ فِي عَقَائِدِ الْعَامَّةِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِالِاعْتِقَادِ لَا بِالْعِلْمِ وَقَالَ الْأُرْمَوِيُّ: الْحَقُّ أَنَّا إنْ جَوَّزْنَا لِلْعَوَامِّ التَّقْلِيدَ فِيهَا لَمْ يَمْتَنِعْ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ النَّفِيسِ فِي الْإِيضَاحِ ": يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ مُخْتَصًّا بِالْبُرْهَانِيَّةِ مِنْهَا أَمَّا الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْحُجَجُ الظَّنِّيَّةُ فَلَا مَانِعَ مِنْ دُخُولِهِ فِيهَا وَكَذَا قَالَ الْهِنْدِيُّ: الْقَطْعِيُّ مِنْهَا لَا يَقْبَلُ التَّرْجِيحَ، لَكِنَّهُ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِهِ، بَلْ الْقَطْعِيَّاتُ الشَّرْعِيَّاتُ أَيْضًا لَا تَقْبَلُ التَّرْجِيحَ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى التَّرْجِيحِ وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ كَثِيرٍ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ، لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ يُخَالِفُونَهُمْ وَتَابَعَهُمْ فِي الْمَحْصُولِ " وَشَرَطُوا أَنْ لَا يُمْكِنَ الْعَمَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ أَمْكَنَ، وَلَوْ مِنْ وَجْهٍ، امْتَنَعَ، بَلْ يُصَارُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ إلْقَاءِ أَحَدِهِمَا، وَالِاسْتِعْمَالُ أَوْلَى مِنْ التَّعْطِيلِ قَالَ فِي الْمَحْصُولِ ": الْعَمَلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ وَجْهٍ أَوْلَى مِنْ الْعَمَلِ بِالرَّاجِحِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَتَرْكِ الْآخَرِ، لِأَنَّ دَلَالَةَ الدَّلِيلِ عَلَى بَعْضِ مَدْلُولَاتِهِ تَابِعَةٌ لِدَلَالَتِهِ عَلَى كُلِّهَا، لِأَنَّ دَلَالَةَ التَّضَمُّنِ تَابِعَةٌ لِدَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute