للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَرْكُ التَّبَعِ أَوْلَى مِنْ تَرْكِ الْأَصْلِ فَإِذَا عَمِلْنَا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَقَدْ تَرَكْنَا الْعَمَلَ بِالدَّلَالَةِ التَّضْمِينِيَّةِ، وَإِنْ عَمِلْنَا بِأَحَدِهِمَا دُونَ الثَّانِي فَقَدْ تَرَكْنَا الْعَمَلَ بِالدَّلَالَةِ السَّمْعِيَّةِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَالْعَمَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ وَجْهٍ يَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: (أَحَدِهَا) : تَوْزِيعُ مُتَعَلَّقِ الْحُكْمِ إنْ أَمْكَنَ، كَمَا تُقْسَمُ الدَّارُ الْمُدَّعَى مِلْكُهَا عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ (ثَانِيهَا) : يَنْزِلُ عَلَى الْأَحْكَامِ بَعْضُ كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ التَّعَدُّدِ، بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقْتَضِيًا أَحْكَامًا، فَيَعْمَلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي بَعْضِهَا، وَبِالْآخِرِ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ، كَالنَّهْيِ عَنْ الشُّرْبِ وَالْبَوْلِ قَائِمًا ثُمَّ فَعَلَهُ، فَإِنَّ فِعْلَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْأَوْلَوِيَّةِ وَالْحَرَجِ، وَنَهْيُهُ بِالْعَكْسِ فَيُحْمَلُ النَّهْيُ عَلَى عَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَالْفِعْلُ عَلَى رَفْعِ الْحَرَجِ وَبَيَانِ الْجَوَازِ وَكَنَهْيِهِ عَنْ الِاغْتِسَالِ بِفَضْلِ وُضُوءِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ فَعَلَهُ مَعَ عَائِشَةَ (ثَالِثِهَا) : التَّنْزِيلُ عَلَى بَعْضِ الْأَحْوَالِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، كَقَوْلِهِ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ خَيْرِ الشُّهُودِ؟ أَنْ يَشْهَدَ الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَشْهِدَ» وَقَوْلِهِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَشْهَدَ الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَشْهِدَ» فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّانِي عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>