الضَّرْبُ الثَّالِثُ) : أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَعْلُومًا وَالْآخَرُ مَظْنُونًا، فَإِنْ عُلِمَ تَقَدُّمُ أَحَدِهِمَا، وَكَانَ هُوَ الْمَظْنُونُ، كَانَ الْمَعْلُومُ الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخًا وَإِنْ كَانَ الْمَعْلُومُ مُتَقَدِّمًا، مَا لَمْ يَنْسَخْهُ الْمَظْنُونُ فَنَعْمَلُ بِالْمَعْلُومِ. وَإِنْ جُهِلَ عُمِلَ بِالْمَعْلُومِ، سَوَاءٌ عُلِمَتْ الْمُقَارَنَةُ أَوْ لَا. .
النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَا خَاصَّيْنِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا مَعْلُومَيْنِ أَوْ مَظْنُونَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مَعْلُومًا وَالْآخَرُ مَظْنُونًا، وَالْحُكْمُ فِيهَا مَا تَقَدَّمَ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ. قَالَ سُلَيْمٌ: إنْ تَعَارَضَ نَصَّانِ فَإِنْ كَانَا مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ وَعُلِمَ تَقَدُّمُ أَحَدِهِمَا نَسَخَهُ الْمُتَأَخِّرُ، وَإِلَّا قُدِّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِضَرْبٍ مِنْ التَّرْجِيحِ. وَإِنْ كَانَا قَطْعِيَّيْنِ، كَالْآيَتَيْنِ وَالْخَبَرَيْنِ الْمُتَوَاتِرَيْنِ، وَعُلِمَ تَقَدُّمُ أَحَدِهِمَا نَسَخَهُ الْمُتَأَخِّرُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَوَقَّفَ فِيهِمَا وَلَمْ يُقَدَّمْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِتَرْجِيحٍ، لِأَنَّ التَّرْجِيحَ طَرِيقَةُ غَلَبَةِ الظَّنِّ فَلَا يَدْخُلُ فِي تَقْوِيَةِ مَا طَرِيقُهُ الْقَطْعُ. .
النَّوْعُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا عَامًّا وَالْآخَرُ خَاصًّا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢٢١] مَعَ قَوْلِهِ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] فَفِيهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ. فَإِنْ كَانَا مَعْلُومَيْنِ فَإِنْ عُلِمَ تَقَدُّمُ الْعَامِّ وَتَأَخُّرُ الْخَاصِّ، فَأَطْلَقَ فِي الْمَحْصُولِ " وَغَيْرِهِ أَنَّ الْخَاصَّ يَكُونُ نَاسِخًا، أَيْ: الْعَامَّ فِي ذَلِكَ الْفَرْدِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْخَاصُّ. وَهَذَا حَكَاهُ الشَّيْخُ فِي اللُّمَعِ " عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ: إنَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَأَخُّرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ. قَالَ: وَالْمَذْهَبُ أَنْ يَقْضِيَ بِالْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: يَتَعَارَضَانِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي. وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: إنْ كَانَ الْخَاصُّ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَالْعَامُّ مُجْمَعًا عَلَيْهِ لَمْ يَقْضِ بِهِ عَلَى الْعَامِّ. وَإِنْ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ قَضَى بِهِ عَلَى الْعَامِّ. وَقَالَ الْهِنْدِيُّ: مَا قَالَ فِي الْمَحْصُولِ " مَوْضِعُهُ إذَا وَرَدَ بَعْدَ مَظْنُونٍ وَقْتَ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ، فَإِنْ وَرَدَ قَبْلَ حُضُورِ وَقْتِهِ كَانَ الْخَاصُّ الْمُتَأَخِّرُ مُخَصِّصًا لِلْعَامِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute