للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْقَوْلِ فِي التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ وَإِيتَارِ الْإِقَامَةِ، لِأَنَّ التَّرْجِيعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَسَعْدِ الْقَرَظِ، مُتَأَخِّرٌ عَنْ أَذَانِ بِلَالٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّرَاجِيحَ كَثِيرَةٌ، وَمَنَاطَهَا مَا كَانَ إفَادَتُهُ لِلظَّنِّ أَكْثَرَ فَهُوَ الْأَرْجَحُ. وَقَدْ تَتَعَارَضُ هَذِهِ الْمُرَجَّحَاتُ، كَمَا فِي كَثْرَةِ الرُّوَاةِ وَقُوَّةِ الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهِ، فَيَعْتَمِدُ الْمُجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ.

فَائِدَةٌ قَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيُّ: إنَّا لَا نُنْكِرُ تَفَاوُتًا بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فِي جَوْدَةِ الْفَهْمِ وَقُوَّةِ الْحِفْظِ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ رِوَايَةَ الذَّكَرِ تُقَدَّمُ عَلَى رِوَايَةِ الْأُنْثَى، لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَرْجِعُ إلَى الْجِنْسِ، وَالتَّرْجِيحُ إنَّمَا يَكُونُ بِالنَّوْعِ. قُلْت: قَدْ حَكَى سُلَيْمٌ فِيهِ الْخِلَافَ فَقَالَ: لَا تُقَدَّمُ رِوَايَةُ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى، وَلَا الْحُرِّ عَلَى الْعَبْدِ، خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، لِأَنَّ الذُّكُورَةَ وَالْحُرِّيَّةَ لَا تَأْثِيرَ لَهُمَا فِي قُوَّةِ الْخَبَرِ، فَلَا يَدْخُلَانِ فِي التَّرْجِيحِ. انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ الْأُسْتَاذُ: لَا تُرَجَّحُ رِوَايَةُ الذَّكَرِ. وَقِيلَ: إنَّمَا يُقَدَّمُ الذَّكَرُ فَيُغَيِّرُ أَحْكَامَ النِّسَاءِ. أَمَّا أَحْكَامُهُنَّ فَيُقَدَّمْنَ عَلَى غَيْرِهِنَّ، لِأَنَّ هِمَّتَهُنَّ وَقَصْدَهُنَّ لِمَا حَفِظْنَهُ أَكْثَرُ، وَبِهِ جَزَمَ السُّهَيْلِيُّ فِي أَدَبِ الْجَدَلِ "، فَحَصَلَ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ. .

الثَّالِثُ: بِكَيْفِيَّةِ الرِّوَايَةِ (فَمِنْهَا) : يُرَجَّحُ الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَى رَفْعِهِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِي رَفْعِهِ، وَالْمُتَّفَقُ عَلَى وَقْفِهِ، كَتَقْدِيمِ حَدِيثِ عُبَادَةَ فِي «لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» عَلَى حَدِيثِ جَابِرٍ «كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَرَاءَ الْإِمَامِ» فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّإِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>