عَلَى رِوَايَتِهِ آخِرًا، كَتَقْدِيمِ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي النَّقْضِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ عَلَى رِوَايَةِ قَيْسٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ رِوَايَتَهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ. هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ بَرْهَانٍ، وَتَبِعَهُمْ الْبَيْضَاوِيُّ وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ الْآمِدِيُّ بِعَكْسِهِ مُعْتَلًّا بِعَرَاقَةِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْإِسْلَامِ وَمَعْرِفَتِهِ. وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: يُقَدَّمُ خَبَرُ الْمُتَأَخِّرِ الْإِسْلَامَ إنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ جَازَ أَنْ تَكُونَ رِوَايَتُهُ مُتَأَخِّرَةً عَنْ رِوَايَةِ الْمُتَأَخِّرِ، فَإِذَا مَاتَ الْمُتَقَدِّمُ قَبْلَ إسْلَامِ الْمُتَأَخِّرِ وَعَلِمْنَا أَنَّ الْأَكْثَرَ رِوَايَةً الْمُتَقَدِّمُ فَتُقَدَّمُ عَلَى رِوَايَةِ الْمُتَأَخِّرِ، فَهَاهُنَا نَحْكُمُ بِالرُّجْحَانِ، لِأَنَّ النَّادِرَ مُلْحَقٌ بِالْغَالِبِ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: إنْ جُهِلَ تَارِيخُهُمَا فَالْغَالِبُ أَنَّ رِوَايَةَ مُتَأَخِّرِ الْإِسْلَامِ نَاسِخٌ، كَمَا نَسَخْنَا رِوَايَةَ طَلْقٍ بِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِنْ عُلِمَ التَّارِيخُ فِي أَحَدِهِمَا وَجُهِلَ فِي الْآخَرِ نُظِرَ: فَإِنْ كَانَ الْمُؤَرَّخُ مِنْهُمَا فِي آخِرِ أَيَّامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ النَّاسِخُ لِمَا لَا يُعْلَمُ تَارِيخُهُ فَيُنْسَخُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذَا صَلَّى الْإِمَامُ قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا» بِصَلَاةِ أَصْحَابِهِ قِيَامًا خَلْفَهُ وَهُوَ يُصَلِّي قَاعِدًا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ التَّارِيخُ فِيهِمَا وَلَا فِي أَحَدِهِمَا وَاحْتِيجَ إلَى نَسْخِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فَقِيلَ: النَّاقِلُ مِنْهُمْ عَنْ الْعَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُوَافِقِ لَهَا.
وَقِيلَ: الْمُحَرِّمُ أَوْلَى مِنْ الْمُبِيحِ، وَكَذَا الْمُوجِبُ أَوْلَى، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوجِبًا وَالْآخَرُ مُحَرِّمًا لَمْ يُقَدَّمْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَّا بِدَلِيلٍ. وَقَالَ إلْكِيَا: يُرَجَّحُ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِإِمْكَانِ تَطَرُّقِ النَّسْخِ إلَى أَحَدِهِمَا إنْ لَمْ يَجِدْ مُتَعَلِّقًا سِوَاهُمَا، كَحَدِيثِ طَلْقٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مُحْتَمَلًا، فَإِنْ كَانَ فَلَا، كَحَدِيثِ ابْنِ عُكَيْمٍ: «جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ قَبْلَ الدِّبَاغِ، فَإِنَّ الْإِهَابَ اسْمٌ لَهُ قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَبَعْدَهُ يُسَمَّى السِّخْتِيَانُ لِلْأَدِيمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute