للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْمُعَارَضَةِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَحَدِيثُهُ قَدْ عَاضَدَتْهُ إحْدَى رِوَايَتَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ أَوْلَى. قَالَ: وَيَدْخُلُ فِي هَذَا نِكَاحُ الْمُحْرِمِ، وَتَخْيِيرُ بَرِيرَةَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ. قَالَ: وَمِمَّا يُقَارِبُ هَذَا مَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ إذَا كَانَ مِثْلُ مَعْنَى أَحَدِهِمَا مَنْقُولًا بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ وُجُوهٍ، كَرِوَايَةِ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الصَّفِّ «أَعِدْ صَلَاتَك، فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» وَرَوَى الْجُمْهُورُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَقَفَ بَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ النَّاسِ، فَكَانَ يُؤْذِنُهُمْ بِتَكْبِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَرَوَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَحْرَمَ خَلْفَ الصَّفِّ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَدَخَلَ فِيهِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعَادَةٍ. وَوَقَفَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى يَسَارِ الرَّسُولِ، فَأَدَارَهُ عَنْ يَمِينِهِ» . وَرُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَّ أَنَسًا وَعَجُوزًا مُنْفَرِدَةً خَلْفَ أَنَسٍ» ، فَتُقَدَّمُ عَلَى رِوَايَةِ وَابِصَةَ. وَهُوَ يَرْجِعُ أَيْضًا إلَى التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ. .

(سَابِعُهَا) : أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَحْسَنَ اسْتِيفَاءً لِلْحَدِيثِ مِنْ الْآخَرِ، كَتَرْجِيحِ رِوَايَةِ جَابِرٍ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ فِي الْإِفْرَادِ، لِأَنَّهُ سَرَدَ الْحَدِيثَ مِنْ حَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى أَنْ عَادَ إلَيْهَا. .

(ثَامِنُهَا) : أَنْ يَسْمَعَ أَحَدٌ الرِّوَايَتَيْنِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَالْآخَرُ شِفَاهًا، فَإِنَّ رِوَايَةَ الْمُشَافَهَةِ تُقَدَّمُ عَلَى رِوَايَةِ الْآخَرِ، كَحَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيَّرَ بَرِيرَةَ حِينَ عَتَقَتْ» ، وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>