للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي الْمَحْصُولِ ": وَمَا قَالَهُ عِيسَى إنَّمَا يَصِحُّ حَيْثُ يَقُولُ " الرَّاوِي ": قَالَ الرَّسُولُ. فَأَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، بَلْ قَالَ مَا يَحْتَمِلُهُ كَقَوْلِهِ: عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَرَجُّحَ فِيهِ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ " رُوِيَ عَنْ الرَّسُولِ ". وَذَلِكَ يُوجِبُ الْمَرْجُوحِيَّةَ أَوْ الرَّدَّ، وَضَعَّفَهُ الْهِنْدِيُّ بِأَنَّهُ ظَاهِرٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ مِنْ سَمَاعٍ وَلَمْ يَذْكُرْ عَمَّنْ بَلَغَهُ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ مَا يُنَبِّئُ عَنْ حُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ لَهُ، فَلَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ. قَالَ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ فِيهِ، لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمُسْنَدِ، وَلِهَذَا قَبِلَهُ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُرْسَلَ. وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ. وَهُنَا فَرْعَانِ: أَحَدُهُمَا هَذَا الْخِلَافُ فِي غَيْرِ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّ مَرَاسِيلَهُمْ مَقْبُولَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ فَهِيَ كَالْمُسْنَدَةِ، حَتَّى لَوْ عَارَضَهَا صَحَابِيٌّ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ فَهُمَا سَوَاءٌ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَطَرَّقُهُ خِلَافٌ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِنْ صُوَرِ الْخِلَافِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَرَاسِيلِ التَّابِعِيِّ، لِأَنَّ ظَاهِرَ رِوَايَتِهِ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَكُلَّمَا عُلِمَ مِنْ الْمَرَاسِيلِ قِلَّةُ الْوَسَائِطِ فَهُوَ أَرْجَحُ عَلَى مَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ ذَلِكَ. وَحِينَئِذٍ فَمَرَاسِيلُ كُلِّ عَصْرٍ أَوْلَى مِنْ مَرَاسِيلِ مَا بَعْدَهُ. ثَانِيهِمَا إذَا كَانَ لَا يُرْسِلُ إلَّا عَنْ عَدْلٍ، كَابْنِ الْمُسَيِّبِ، فَهُوَ وَالْمُسْنَدُ سَوَاءٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>