للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ أَهَمُّ مِنْ جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ، وَرَجَّحَ الْبَيْضَاوِيُّ التَّسَاوِي، وَهِيَ أَقْرَبُ، لِتَعَذُّرِ الِاحْتِيَاطِ، لِأَنَّهُ بِالْعَقْلِ بِخِلَافِ التَّحْرِيمِ بِالتَّرْكِ، بِخِلَافِ الْإِيجَابِ، فَكِلَاهُمَا يُوقِعُ فِي الْعِقَابِ، وَجَزَمَ بِهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَقَالَ: لَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَّا بِدَلِيلٍ. وَمِثَالُهُ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «إنَّمَا الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» قَالَ نَافِعٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إذَا مَضَى مِنْ شَعْبَانَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ بَعَثَ مِنْ يَنْظُرُ، فَإِنْ رَأَى فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَرَ وَلَمْ يَحُلْ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ وَلَا قَتَرٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، وَإِلَّا أَصْبَحَ صَائِمًا. وَهَذَا يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ. وَيُعَارِضُهُ خَصْمُهُ بِحَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ " فِي تَعَارُضِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْإِيجَابِ مَعَ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلنَّدَبِ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَدَّمَ الْإِيجَابَ، قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ فِي الْوُجُوبِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى النَّدْبِ. وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. .

رَابِعُهَا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُثْبِتًا وَالْآخَرُ نَافِيًا وَهُمَا شَرْعِيَّانِ، قَالَ فَالصَّحِيحُ تَقْدِيمُ الْمُثْبِتِ، وَنَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ وَلِهَذَا قَدَّمُوا خَبَرَ بِلَالٍ فِي صَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَاخِلَ الْبَيْتِ عَلَى خَبَرِ أُسَامَةَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ. وَقِيلَ: بَلْ يُقَدَّمُ النَّافِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>