للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَحَثَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ، وَرَدَّهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ: الصَّوَابُ أَنَّ النَّفْيَ إنْ كَانَ مَحْصُورًا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ، قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ. وَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ صَحِيحٌ، وَالنَّفْيُ الْمَحْصُورُ وَالْإِثْبَاتُ سِيَّانِ. وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ: إنْ كَانَ الْمُثْبِتُ حُكْمًا شَرْعِيًّا، وَالنَّافِي عَلَى حُكْمِ الْعَادَةِ فَالْمُثْبِتُ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمَانِ شَرْعِيَّيْنِ فَقَدْ تَسَاوَيَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا وَرَدَ بِالنَّفْيِ بَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ ثُبُوتَ الْحُكْمِ، فَيَكُونُ الْمُثْبِتُ أَوْلَى، كَرِوَايَةِ عَائِشَةَ فِي تَقْبِيلِهَا وَهُوَ صَائِمٌ، وَأَنْكَرَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ عَنْ عَدَمِ عِلْمِهَا، وَذَلِكَ لَا يَدْفَعُ حَدِيثَ عَائِشَةَ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ النَّافِي أَخَصَّ مِنْ الْمُثْبِتِ فَالْحُكْمُ لِلْأَخَصِّ. وَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمُثْبِتَ يُقَدَّمُ إلَّا فِي صُوَرٍ:، (أَحَدُهُمَا) : أَنْ يَنْحَصِرَ النَّفْيُ، فَيُضَافُ الْفِعْلُ إلَى مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَا تَكْرَارَ فِيهِ، فَحِينَئِذٍ يَتَعَارَضَانِ. (الثَّانِيَةُ) : أَنْ يَكُونَ رَاوِي النَّفْيِ لَهُ عِنَايَةٌ بِهِ، فَيُقَدَّمُ عَلَى الْإِثْبَاتِ، كَمَا قُدِّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ، عَلَى حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ أَبَاهُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْقَتْلَى، وَكَمَا قُدِّمَ حَدِيثُهُ فِي الْإِفْرَادِ عَلَى حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الْقِرَانِ، لِأَنَّهُ صَرَفَ هِمَّتَهُ إلَى صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْذُ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى آخِرِهِ. (الثَّالِثَةُ) : أَنْ يَسْتَنِدَ نَفْيُ النَّافِي إلَى عِلْمٍ. .

خَامِسُهَا - تَرْجِيحُ الْخَبَرِ النَّافِي لِلْحَدِّ وَالْعِقَابِ عَلَى مُوجِبٍ لَهُمَا - عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، كَحَدِيثِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>