يُخَالِفُ ظَاهِرَ الْكِتَابِ لَا يُنْقَلُ مَا نُقِلَ إلَّا عَنْ زِيَادَةِ الثَّبْتِ.
وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَقْرَبُ إلَى قِيَاسِ الْأُصُولِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ أَوْفَقُ لِلْعُرْفِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: مَا ذَكَرُوهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ إتْمَامَ الْحَجِّ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلِابْتِدَاءِ، وَهُمَا مُفْتَرِقَانِ فِي وُجُوبِ إتْمَامِهِمَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِمَا. قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ ذَكَرَهُ مُتَنَمِّقًا بِإِيرَادِ كَلَامِهِ: وَنَحْنُ نَقُولُ لِلْإِمَامِ: الْإِتْمَامُ يُطْلَقُ تَارَةً عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ وَعَلَى إتْمَامِهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ، لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْأَوَّلُ، فَإِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَامِ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَمْ يَكُنْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحْرِمًا بِالْحَجِّ حَتَّى يُؤْمَرَ بِإِتْمَامِهِ. وَمِنْ مُثُلِهِ التَّغْلِيسُ بِالْفَجْرِ، فَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣] . وَكَتَرْجِيحِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي التَّشَهُّدِ، لِمُوَافَقَتِهِ لِقَوْلِهِ: {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: ٦١] ، وَتَرْجِيحِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ، لِقَوْلِهِ: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] وَهَذَا يَسْتَعْمِلُهُ الشَّافِعِيُّ كَثِيرًا، وَبَنَى عَلَيْهِ هَذِهِ الْأُصُولَ.
وَكَذَا قُدِّمَ حَدِيثُ خَوَّاتٍ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى رِوَايَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute