للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ عُمَرَ، لِأَجْلِ الْحَذَرِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَجَعَلَهُ فِي الْمَنْخُولِ " مِنْ أَصْلِهِ، فَوَافَقَ الْأُصُولَ، لِأَنَّ رِوَايَةَ خَوَّاتُ، الْأَفْعَالُ فِيهَا قَلِيلَةٌ، قَالَ: وَقَالَ الْقَاضِي لِلشَّافِعِيِّ: إنْ كُنْت تَتَّهِمُ ابْنَ عُمَرَ بِحَيْدِهِ عَنْ الْقِيَاسِ فَمُحَالٌ، وَلَيْسَ الْقِيَاسُ مُنَاسِبًا لِمَأْخَذِ الدَّلِيلِ حَتَّى يَقْدَحَ فِيهِ. وَإِنْ قُلْت: إنَّ الْغَالِبَ عَلَى الرَّسُولِ الْجَرْيُ عَلَى قِيَاسِ الْأُصُولِ فَيُعَارِضُهُ أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ النَّاقِلَ عَنْ الْقِيَاسِ يَكُونُ أَثْبَتَ فِي الرِّوَايَةِ مِنْ الْمُسْتَمِرِّ عَلَيْهِ. وَلِهَذَا تُقَدَّمُ شَهَادَةُ الْإِبْرَاءِ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلِ الدَّيْنِ. قَالَ إلْكِيَا: وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ أَوْجَهُ فِي مُطَّرِدِ الْعَادَةِ وَالْعُرْفِ وَلَا يَظْهَرُ لِلْمَسْأَلَةِ فَائِدَةٌ فِي الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الطَّرِيقِ، وَهَذَا الْخِلَافُ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَالْقَاضِي فِيمَا يَرْجِعُ إلَى النَّصِّ، أَمَّا إذَا تَعَارَضَ ظَاهِرَانِ وَاعْتُضِدَ أَحَدُهُمَا بِقِيَاسٍ فَلَا شَكَّ أَنَّ الَّذِي لَمْ يُتَّجَهْ فِيهِ تَأْوِيلٌ مُتَأَيِّدٌ لِلْقِيَاسِ لَا يُبَالَى بِهِ. وَلَوْ تَعَارَضَ قِيَاسَانِ عَاضَدَانِ لِلتَّأْوِيلِ وَأَحَدُهُمَا أَجْلَى قُدِّمَ الْأَجْلَى، وَلَوْ تَعَارَضَ ظَاهِرَانِ أَوْ نَصَّانِ وَأَحَدُهُمَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ فَالْقَاضِي يَرَى تَعَارُضَهُمَا أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ، وَالشَّافِعِيُّ يَرَى تَقْدِيمَ الْأَحْوَطِ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ، كَرِوَايَةِ خَوَّاتٍ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، وَكَإِحْدَى الْآيَتَيْنِ إذَا تَضَمَّنَتْ إحْدَاهُمَا تَحْلِيلًا وَالْأُخْرَى تَحْرِيمًا. وَقَدْ قَالَ عُثْمَانُ: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ. فَلَا يُتَّجَهُ فِي ذَلِكَ إلَّا الْحُكْمُ بِالِاحْتِيَاطِ. .

ثَانِيهَا - أَنْ يَكُونَ فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُوَافِقًا لَهُ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْآخَرِ، كَحَدِيثِ التَّغْلِيسِ.

.

<<  <  ج: ص:  >  >>