ثَالِثُهَا - أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا قَوْلًا وَالْآخَرُ فِعْلًا فَيُقَدَّمُ الْقَوْلُ، لِأَنَّ لَهُ صِيغَةً، وَالْفِعْلُ لَا صِيغَةَ لَهُ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْأَفْعَالِ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ. .
رَابِعُهَا - أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُصَرِّحًا بِالْحُكْمِ وَالْآخَرُ عَلَى طَرِيقِ ضَرْبِ الْمِثَالِ، كَاحْتِجَاجِنَا فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا بِحَدِيثِ: «صَلَّى بِي جِبْرِيلُ» الْحَدِيثُ، وَاسْتِدْلَالِهِمْ بِحَدِيثِ: «مَا مِثْلُكُمْ مَعَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ إلَّا كَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا» إلَى آخِرِهِ. فَاحْتَجُّوا بِهِ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ آخَرُ الْوَقْتِ، ذَكَرَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: تُرَجَّحُ الْعِبَارَةُ عَلَى الْإِشَارَةِ، فَإِنَّ حَدِيثَ الْإِجَارَةِ سِيقَ لِبَيَانِ فَضِيلَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ أَكْثَرُ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ، بِأَنْ يَبْقَى وَقْتُ الظُّهْرِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ. كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، لِأَنَّهُ لَوْ انْتَهَى لِصَيْرُورَةِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ لَكَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ أَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ، لَكِنَّهُ مُتَعَارِضٌ بِصَلَاةِ جِبْرِيلَ وَهِيَ عِبَارَةٌ تَرَجَّحَتْ عَلَى الْإِشَارَةِ. .
خَامِسُهَا - أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ عَمَلُ أَكْثَرِ أَهْلِ السَّلَفِ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْأَكْثَرَ يُوَفَّقُ لِلصَّوَابِ مَا لَا يُوَفَّقُ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute