للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَفِيِّ، مَعَ أَنَّ غَالِبَ الْمَعْنَى مُقَدَّمٌ عَلَى غَالِبِ الشَّبَهِ، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: التَّرْجِيحُ فِي الْأَقْيِسَةِ الظَّنِّيَّةِ ثَابِتٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى عُمُومِ آحَادِ كُلِّ نَوْعٍ، لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَالِبِ كُلِّ نَوْعٍ وَأَمَّا قَوْلُ الْإِمَامِ: إنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ حُكْمٌ مُعَيَّنٌ فَضَعِيفٌ، وَشُبْهَةُ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَالَ: لَا حُكْمَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا مَطْلُوبَ، فَنَقُولُ: إنْ كَانَ كَمَا قُلْت اسْتَحَالَ الظَّنُّ، وَالْحُكْمُ بِأَنَّ الظُّنُونَ لَا تَقْدِيمَ فِيهَا وَلَا تَأْخِيرَ فَرْعُ وُجُودِهَا نَعَمْ، الْقَاضِي يَقُولُ: لَا حُكْمَ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ قَبْلَ الظَّنِّ، وَلَكِنْ فِيهَا مَطْلُوبٌ، وَهُوَ السَّبَبُ الَّذِي يُبْنَى عَلَى ظَنِّهِ وُجُودُ الْحُكْمِ، كَصِحَّةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ أَوْ الظَّاهِرِ أَوْ الْقِيَاسِ مَثَلًا، فَيَطْلُبُ الْمُجْتَهِدُ ظَنَّ وُجُودِ ذَلِكَ، وَالظُّنُونُ تَخْتَلِفُ.

وَيَكُونُ بِاعْتِبَارَاتٍ الْأَوَّلُ - بِحَسَبِ الْعِلَّةِ قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: تَعَارُضُ الْعِلَّتَيْنِ ضَرْبَانِ: (أَحَدُهُمَا) أَنْ يَتَعَارَضَا فِي حَقِّ مُجْتَهِدَيْنِ، فَلَا يُوجِبُ التَّعَارُضُ فَسَادَهُمَا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ بِمَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَ (الثَّانِي) تَعَارُضُهُمَا فِي حَقِّ مُجْتَهِدٍ وَاحِدٍ فَيُوجِبُ التَّعَارُضُ فَسَادَهُمَا، إلَّا أَنْ يُوجَدَ تَرْجِيحٌ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى ثُمَّ إنَّ التَّرْجِيحَ لَا يَقَعُ بَيْنَ دَلِيلَيْنِ مُوجِبَيْنِ لِلْعِلْمِ، وَلَا بَيْنَ دَلِيلٍ يُوجِبُ الْعِلْمَ وَآخَرَ يُوجِبُ الظَّنَّ، وَإِنَّمَا يَتَعَارَضَا الْمُفِيدَانِ لِلظَّنِّ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَرْجِيحٍ، انْتَهَى. فَنَقُولُ: لَهُ اعْتِبَارَاتٌ: أَوَّلُهَا - يُرَجَّحُ الْقِيَاسُ الْمُعَلَّلُ بِالْوَصْفِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الْحِكْمَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>