للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَاءٌ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَنَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ الْقَاضِي وَاخْتَارَ فِي الْمَنْخُولِ " أَنَّهُمَا إنْ تَوَارَدَا عَلَى حُكْمٍ وَاحِدٍ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَلَا تَرْجِيحَ، وَإِنْ تَنَافَيَا فَلَا يَلْتَقِيَانِ، نَعَمْ يَكْفِي طَرْدُ الْمُتَعَدِّيَةِ عَكْسَ الْقَاصِرَةِ، وَلَا يُقَاوِمُ الطَّرْدُ الْعَكْسَ أَصْلًا، وَإِنْ فُرِضَ ازْدِحَامٌ عَلَى حُكْمِ تَقْدِيرِ الِاتِّفَاقِ عَلَى اتِّحَادِ الْعِلَّةِ فَالْمُتَعَدِّيَةُ أَوْلَى، لِمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيلِ بِأَكْثَرَ مِنْ عِلَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ مَنَعْنَاهُ - كَمَا اخْتَارَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ - فَلَا تَعَارُضَ ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ سُؤَالًا مَضْمُونُهُ وُقُوعُ التَّعَارُضِ بَيْنَهُمَا، وَاسْتَمَدَّ مِنْهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَجَّحَ الْقَاصِرَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَبَا حَنِيفَةَ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ تُخَيَّرُ إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ وَاخْتُلِفَ إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ الْحُرِّ وَنَشَأَ اخْتِلَافُهُمَا مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي عِلَّةِ الْأَصْلِ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إنَّمَا خُيِّرَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ لِفَضْلِهَا حِينَئِذٍ عَلَيْهِ بِالْحُرِّيَّةِ، فَلَا تُخَيَّرُ تَحْتَ الْحُرِّ، فَالْعِلَّةُ حِينَئِذٍ قَاصِرَةٌ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّمَا خُيِّرَتْ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ نَفْسَهَا فَتُخَيَّرُ تَحْتَ الْحُرِّ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ مُطَّرِدَةٌ مُتَعَدِّيَةٌ ثُمَّ انْفَصَلَ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِإِبْطَالِ الْعِلَّتَيْنِ جَمِيعًا، أَمَّا عِلَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ الْقَاضِي: لَا مَعْنًى لِتَعْلِيلِ الْخِيَارِ بِتَمَلُّكِهَا نَفْسَهَا، لِأَنَّهَا إنْ مَلَكَتْ مَوْرِدَ النِّكَاحِ انْفَسَخَ فَلَا اخْتِيَارَ، وَإِنْ مَلَكَتْ غَيْرَهُ فَهُوَ أَجْنَبِيٌّ فَلَا تَخْتَارُ فِي غَيْرِ مَا مَلَكَتْ تَنْبِيهٌ قَدْ يُنَازَعُ فِي دُخُولِ التَّرْجِيحِ مِنْ هَذَيْنِ فِي الْقِيَاسِ، لِأَنَّ الْقَاصِرَةَ لَا وُجُودَ لَهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ النَّصِّ، وَلَا يَخْفَى امْتِنَاعُ الْقِيَاسِ بِنَاءً عَلَى عِلَّةٍ يَخْتَصُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>