للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَفَّارَةِ لَا يَجْمَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحُكْمِ الْمُنَظَّرِ إلَّا اسْمُ الْحُكْمِ وَلَقَبُهُ خَاصَّةً، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ صَحِيحٌ، فَإِنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا الِاشْتِرَاكَ فِي عُمُومِ الْحُكْمِ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ مُلَائِمًا، وَلَاسْتَحَالَ الْغَرِيبُ ثُمَّ حُكِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ فُرُوعًا، وَالْأُخْرَى مُطَبَّقَةً عَلَى الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِلَا تَأْوِيلٍ، وَالْكَثِيرَةُ الْفُرُوعِ تَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ فِي بَعْضِ مَجَارِيهَا، فَهَذَا نَقْصٌ مِنْ جَرَيَانِهَا، وَيُقْدَحُ فِي التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ فُرُوعِهَا، كَاعْتِبَارِنَا فِي الْقَرَابَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلنَّفَقَةِ، وَالْعِتْقِ بِالتَّعْصِيبِ، وَهَذَا يَجْرِي فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ عَلَى انْطِبَاقٍ وَاعْتَبَرَ أَبُو حَنِيفَةَ الرَّحِمَ وَالْمَحْرَمِيَّةَ وَفُرُوعَ عِلَّتِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُرَكَّبَةً أَكْثَرَ، فَإِنَّمَا تَتَنَاوَلُ الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ، غَيْرَ أَنَّ الرَّحِمَ وَالْمَحْرَمِيَّةَ لَا يَجْرِيَانِ إلَّا عَلَى تَأْوِيلٍ مِنْ الذَّكَرَيْنِ وَالْأُنْثَى، وَهُوَ مِنْ رَكِيكِ الْكَلَامِ.

سَابِعُهَا - تَرَجُّحُ الْعِلَلِ الْبَسِيطَةِ عَلَى الْعِلَلِ الْمُرَكَّبَةِ: كَتَعْلِيلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ الرِّبَا بِالطُّعْمِ فِي الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ مَعَ ضَمِّهِ فِي الْقَدِيمِ النَّقْدِيَّةَ إلَى الطُّعْمِ، عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْحَدِّ بَسِيطَةٌ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْجُهِ عِنْدَنَا. هَذَا مَا عَلَيْهِ الْجَدَلِيُّونَ وَأَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ بَرْهَانٍ، إذْ يُحْتَمَلُ فِي الْمُرَكَّبَةِ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ هِيَ الْأَجْزَاءُ، لَا هِيَ جُمْلَتُهَا وَلِأَنَّ الْبَسِيطَةَ تَكْثُرُ فُرُوعُهَا وَفَوَائِدُهَا، وَلِأَنَّ الِاجْتِهَادَ فِيهَا يَقِلُّ فَيَقِلُّ خَطَرُهُ، وَلِأَنَّ الْخِلَافَ وَاقِعٌ فِي جَوَازِ التَّرْكِيبِ فِي الْعِلَلِ، فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَوْلَى قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا الْمَسْلَكُ بَاطِلٌ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَقِيلَ: بَلْ تُرَجَّحُ الْمُرَكَّبَةُ وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ. قَالَ الْقَاضِي فِي مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ ": وَلَعَلَّهُ الصَّحِيحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>