إذَا عَلِمْت هَذَا فَالدَّلِيلُ الظَّنِّيُّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا: أَمَّا النَّصُّ فَالْكَلَامُ فِيهِ كَمَا فِي الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَيَسْتَحِيلُ تَعَارُضُهُمَا إنْ كَانَا قَطْعِيَّيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا قَطْعِيًّا، وَإِنْ كَانَا قَطْعِيَّيْنِ فَهُمَا فِي مَحَلِّ التَّرْجِيحِ وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَإِذَا عَارَضَ الْخَصْمُ قِيَاسَ الْمُسْتَدِلِّ بِقِيَاسٍ آخَرَ وَكَانَ وُجُودُ الْأَمْرِ الَّذِي جَعَلَ عِلَّةً الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ فِي أَحَدِ الْقِيَاسَيْنِ مَعْلُومًا، وَفِي الْآخَرِ مَظْنُونًا، كَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى.
الِاعْتِبَارُ الثَّالِثُ - بِحَسَبِ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ لِلْحُكْمِ وَذَلِكَ بِأُمُورٍ: أَوَّلُهَا - يُرَجَّحُ الْقِيَاسُ الَّذِي تُثْبِتُ عِلِّيَّتُهُ الْوَصْفَ بِحُكْمِ أَصْلِهِ: بِالنَّصِّ الْقَاطِعِ، عَلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْقَاطِعِ، لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ فِيهِ عَدَمُ الْعِلِّيَّةِ، بِخِلَافِ مَا لَيْسَ بِقَاطِعٍ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى ": ذَكَرُوا فِي التَّرْجِيحِ أَنْ تَثْبُتَ إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ بِنَصٍّ قَاطِعٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الظَّنَّ يُمْحَى فِي مُقَابَلَةِ الْقَاطِعِ وَلَا يَبْقَى مَعَهُ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى تَرْجِيحٍ، إذْ لَوْ بَقِيَ مَعَهُ لَتَطَرَّقَ إلَيْهِ الشَّكُّ وَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ لِمَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ، وَلَا مَظْنُونٍ عَلَى مَظْنُونٍ. ثَانِيهَا - يُرَجَّحُ مَا يُثْبِتْ عَلِيَّ ةَ الْوَصْفِ بِالظَّاهِرِ: عَلَى مَا لَمْ يُثْبِتْ بِالظَّاهِرِ مِنْ سَائِرِ الْأَدِلَّةِ سِوَى النَّصِّ الْقَاطِعِ، وَالْأَلْفَاظُ الظَّاهِرَةُ فِي إفَادَةِ الْعِلِّيَّةِ ثَلَاثَةٌ: اللَّامُ، وَإِنْ، وَالْبَاءُ وَأَقْوَاهَا اللَّامُ، وَتَرَدَّدَ الْإِمَامُ فِي تَقْدِيمِ (الْبَاءِ) عَلَى (إنْ) وَاخْتَارَ الْهِنْدِيُّ تَقْدِيمَهَا.
ثَالِثُهَا - يُرَجَّحُ مَا يُثْبِتُ عِلِّيَّةَ الْوَصْفِ فِيهِ بِالْمُنَاسَبَةِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute