- عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ» فَإِنَّ فِي الْحَدِيثِ إيمَاءٌ إلَى خُصُوصِ الْغَضَبِ، لَكِنْ قَدَّمُوا عَلَيْهِ الْعِلَّةَ الْمُسْتَنْبَطَةَ وَهُوَ الدَّهَشُ وَالْحِيرَةُ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ: وَإِنَّمَا تَمَسَّكَ بِالْإِيمَاءِ الْمُجَرَّدِ وَلَا اسْتِنْبَاطَ، فَإِنَّهُ أَدَّى بِالْغَضَبِ إلَى الدَّهَشِ الَّذِي اشْتَمَلَ الْغَضَبُ عَلَيْهِ، وَالْغَضَبُ طَرْدٌ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِخُرُوجِهِ مَخْرَجَ الْغَالِبِ نَعَمْ، إنْ قَوِيَ اجْتِهَادٌ بِهِ فَلْيُوكَلْ إلَى نَظَرِ الْمُجْتَهِدِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ مَعَ قَوْلِهِ بِبُطْلَانِ قِيَاسِ الْأَشْبَاهِ قَالَ هُنَا: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّرْجِيحُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ التَّمَسُّكُ بِهِ ابْتِدَاءً.
الِاعْتِبَارُ الرَّابِعُ - بِحَسَبِ دَلِيلِ الْحُكْمِ فَيُرَجَّحُ مِنْ الْقِيَاسَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ مَا دَلِيلُ حُكْمِ أَصْلِهِ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِ حُكْمِ الْأَصْلِ الْآخَرِ (فَمِنْهَا) أَنَّهُ يُرَجَّحُ الْقِيَاسُ الثَّابِتُ حُكْمُ أَصْلِهِ بِالْإِجْمَاعِ، عَلَى الثَّابِتِ بِالنَّصِّ، فَإِنَّ الَّذِي ثَبَتَ الْحُكْمُ فِي أَصْلِهِ بِالدَّلَائِلِ اللَّفْظِيَّةِ يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ وَالنَّسْخَ وَالتَّأْوِيلَ، وَالْإِجْمَاعُ لَا يَقْبَلُهَا هَكَذَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ تَقْدِيمَ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ عَلَى الْإِجْمَاعِ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ فَرْعُ النَّصِّ، لِكَوْنِ الْمُثْبِتِ لَهُ النَّصَّ، وَالْفَرْعُ لَا يَكُونُ أَقْوَى مِنْ الْأَصْلِ وَبِهَذَا جَزَمَ صَاحِبُ الْحَاصِلِ " وَالْمِنْهَاجِ " وَهُوَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الَّذِي ثَبَتَ بِهِ الْإِجْمَاعُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ فَلَا يَكُونُ الْإِجْمَاعُ أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَمِلُ النَّسْخَ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ (وَمِنْهَا) قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: إذَا كَانَ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ مُخَرَّجًا مِنْ أَصْلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute