مَا يُوَافِقُ الْعَادَةَ لِمَا يُنْقِلُ عَنْهَا، فَلِذَلِكَ قُلْنَا فِي الْأَخْبَارِ: إنَّ النَّاقِلَ أَوْلَى قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الطَّبَرِيُّ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْعِلَلِ وَالْأَخْبَارِ، فَيَقُولُ فِي الْخَبَرِ: النَّاقِلُ أَوْلَى، وَفِي الْعِلَلِ: إنَّ الْمُبْقِيَةَ فِيهَا عَلَى الْعَادَةِ أَوْلَى مِنْ النَّاقِلَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُثْبِتَةً وَالْأُخْرَى نَافِيَةً فَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: تُقَدَّمُ الْمُثْبِتَةُ، قَالَ: وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذَا بِتَقْدِيمِ النَّاقِلَةِ عَلَى الْمُبْقِيَةِ لِلْأَصْلِ عَلَى مَا كَانَ قَالَ: وَرُبَّمَا خَلَطَ فِي هَذَيْنِ مَنْ لَا تَحْقِيقَ لَهُ، وَهُمَا يَجْرِيَانِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَدَّمَ قَوْمٌ الْمُثْبِتَةَ عَلَى النَّافِيَةِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ النَّفْيَ الَّذِي لَا يَثْبُتُ إلَّا شَرْعًا كَالْإِثْبَاتِ، وَإِنْ كَانَ نَفْيًا أَصْلِيًّا رَجَعَ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي النَّاقِلَةِ وَالْمُقَرَّرَةِ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: الصَّحِيحُ أَنَّ التَّرْجِيحَ فِي الْعِلَّةِ لَا يَقَعُ بِذَلِكَ، لِاسْتِوَاءِ الْمُثْبِتِ وَالنَّافِي فِي الِافْتِقَارِ إلَى الدَّلِيلِ قَالَ: وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ وَكَأَنَّ مَنْ رَجَّحَ بِهِ لَاحَظَ إلْحَاقَهَا بِالْخَبَرِ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ، فَإِنَّ مَدَارَ التَّرْجِيحِ فِي الْأَخْبَارِ عَلَى أَنَّ الْعَقْلِيَّةَ أَشْبَهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ، وَمَدَارُ التَّرْجِيحِ فِي الْعِلَلِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قُوَّةِ الْمُنَاسَبَةِ وَتَوَفُّرِ الشَّوَاهِدِ وَهَذَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، فَالْحَقُّ - كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ - إنْ قُلْنَا: إنَّ النَّفْيَ فِيهَا مُسْتَفَادٌ مِنْ النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ أَنْ يُلْتَمَسَ التَّرْجِيحُ مِنْ خَارِجٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّ النَّفْيَ لَا يَكُونُ مُقْتَضًى، لِأَنَّ الْعَدَمَ لَا يُقْتَضَى كَمَا لَا يَقْتَضِي وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الَّتِي تَقْتَضِي الْحَظْرَ أَوْلَى مِنْ الَّتِي تَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا تَقْتَضِي حَدًّا وَالْأُخْرَى تُسْقِطُهُ، أَوْ تُوجِبُ الْعِتْقَ وَالْأُخْرَى تُسْقِطُهُ، فَقِيلَ: الْمُوجِبَةُ لِلْعِتْقِ وَالْمُسْقِطَةُ لِلْحَدِّ أَوْلَى، لِأَنَّ الْعِتْقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute