للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: قَالَ الْغَزَالِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهُوَ مِقْدَارُ خَمْسِمِائَةِ آيَةٍ، وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَكَأَنَّهُمْ رَأَوْا مُقَاتِلَ بْنَ سُلَيْمَانَ أَوَّلَ مَنْ أَفْرَدَ آيَاتِ الْأَحْكَامِ فِي تَصْنِيفٍ وَجَعَلَهَا خَمْسَمِائَةِ آيَةٍ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الظَّاهِرَةَ لَا الْحَصْرَ، فَإِنَّ دَلَالَةَ الدَّلِيلِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْقَرَائِحِ، فَيَخْتَصُّ بَعْضُهُمْ بِدَرْكِ ضَرُورَةٍ فِيهَا وَلِهَذَا عُدَّ مِنْ خَصَائِصِ الشَّافِعِيِّ التَّفَطُّنُ لِدَلَالَةِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مريم: ٩٢] عَلَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ وَلَدَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وقَوْله تَعَالَى: {امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} [التحريم: ١١] عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ الَّتِي لَمْ تُسَقْ لِلْأَحْكَامِ وَقَدْ نَازَعَهُمْ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ أَيْضًا وَقَالَ: هُوَ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي هَذَا الْعَدَدِ، بَلْ هُوَ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الْقَرَائِحِ وَالْأَذْهَانِ وَمَا يَفْتَحُهُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ وُجُوهِ الِاسْتِنْبَاطِ وَلَعَلَّهُمْ قَصَدُوا بِذَلِكَ الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى الْأَحْكَامِ دَلَالَةً أَوَّلِيَّةً بِالذَّاتِ لَا بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ قُلْت: وَمَنْ أَرَادَ التَّحْقِيقَ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ بِكِتَابِ الْإِمَامِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، وَلَا يُشْتَرَطُ مَا فِيهَا مِنْ الْقَصَصِ وَالْمَوَاعِظِ وَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حَافِظًا لِتِلَاوَتِهِ؟ قَالَ فِي الْقَوَاطِعِ ": ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ، لِأَنَّ الْحَافِظَ أَضْبَطُ لِمَعَانِيهِ مِنْ النَّاظِرِ فِيهِ وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَلْزَمُ أَنْ يَحْفَظَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَمْثَالِ وَالزَّوَاجِرِ وَجَزَمَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْحِفْظُ، وَجَرَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>